الآية ٢٢ من سورة الزمر المارة أو أنها تسلك فيه بأن تدخل من حلقه وتخرج من دبره كما يسلك الخيط بالإبرة، وسبب هذا الإرهاق هو «إِنَّهُ» ذلك الخبيث في حالة الدنيا «كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ» ٣٣ «وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ» ٣٤ فلا يحث نفسه ولا أهله ولا غيره على التصدق غلبه في الدنيا، فعلى المستطيع أن يتصدق ويحث أهله وغيره على التصدق قبل حلول هذا اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون ولا جاه ولا رياسة قال بعضهم: خلعنا نصف السلسلة بالإيمان فلا نخلع النصف الثاني بالإطعام لئلا يقال لي غدا «فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ» ٣٥ صديق أو قريب ليشفع له أو ينفعه «وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ» ٣٦ غسالة قروح أهل النار أو ما يسيل من صديدهم «لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ» ٣٧ كنيرو الخطايا. وبعد أن أنهى ما يتعلق بأحوال أهل النعمة والنقمة، أقسم على صحة كتابه وصدق رسوله مبرئا لهما من طعن الكفرة وأضرابهم، وهدد من يفتري عليه ويكذّب رسله بقوله جلّ قوله «فَلا أُقْسِمُ» ان الأمر واضح لا يحتاج للقسم، وعليه تكون لا نافية، وقدمنا ما فيها في أول سورة القيامة ج ١ فراجعها، «بِما تُبْصِرُونَ» ٣٨ مما في الأرض والسماء «وَما لا تُبْصِرُونَ» ٣٩ من مخلوقات الدنيا والآخرة «إِنَّهُ» أي القرآن العظيم في معانيه، الجليل في مراميه «لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ» ٤٠ هو رسولكم يا أهل مكة ومن حولها، وقد أضاف القول له مع أنه تعالى هو المتكلم به لأنه هو الذي يتلوه عليهم ويبلغهم إياه، وما قيل إن المراد بالرسول هنا هو جبريل عليه السلام ينفيه
قوله تعالى «وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ» ٤١ «وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ» ٤٢ لأنهم لم يصموا جبريل عليه السلام بالشعر والكهانة بل وصموا محمدا بن عبد الله بن عبد المطلب بهما، وهو المبرأ عنهما ووصموا الحضرة الإلهية الجليلة، راجع الآية ٣٤ من سورة الأنعام المارة، ثم أكد ذلك القول الذي نسبه لحضرته بقوله «تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ» ٤٣ لم يختلقه محمد كما تقولون ولم يتعلمه من أحد وليس من أساطير الأولين بل هو وحي من الله منزل عليه. واعلموا أيها الناس أن هذا هو الواقع «وَلَوْ تَقَوَّلَ» محمد أو