للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)

الآية ١٧ من سورة السجدة الآتية، ومن هذا القبيل قوله صلّى الله عليه وسلم في صفة ثواب أهل الجنة: فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. هذا وبعد أن أظهر الله لهم أنواع العقاب عن سيئات لم يكونوا يتصورونها أنها مستحقة للعذاب أظهر لهم عقابا أشد عن سيئات يعلمونها فقال جل قوله «وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا» من الشرك به وتكذيب رسله وجحد ما جاؤهم به وبان لهم خيبة ظنهم بشفاعة الأوثان فذهلوا من فظاعته «وَحاقَ» أحاط «بِهِمْ» من كل جوانبهم سوء «ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ٤٨» في الدنيا فيفعلونه ولا يلقون له بالا إلا السخرية والاستهزاء. قال تعالى «فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ» من مرض وفقر وشدة «دَعانا» وحدنا لإزالته «ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا» بعد إجابة دعائه وإزاحة بلائه «قالَ» هذا جواب إذا ولذلك فلا يحسن الوقف على كلمة (مِنَّا) بل على «إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ» من الله بأني أهل له كما قال قارون قبله راجع الآية ٧٨ من سورة القصص في ج ١ وقد ذكر الضمير هنا في أوتيته مع أنه عائد للنعمة بالنظر للمعنى، أي شيئا أو قسما من الإنعام «بَلْ هِيَ» النعمة التي أوتيها مع كفره وعصيانه «فِتْنَةٌ» نقمة لا نعمة في الحقيقة بل هي استدراج وامتحان ليختبرك أيها الإنسان أتشكرها فتكون نعم حقيقية أو تكفرها فتكون نقمة بحتة، وما قرىء بل فتنة وفاقا لضمير أوتيته ليست بشيء، لما فيها من نقص كلمة هي، ولا يجوز نقص شيء من كتاب الله «وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ

٤٥» أنها فتنة وبلاء ومحنة.

وجاء العطف بالفاء لأن قوله (فَإِذا مَسَّ) إلخ مسبب عن قوله (وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ) إلخ، وقد وقع أول هذه السورة مثله إلا أن العطف كان بالواو فيكون غير مسبب عما قبله كما هنا وهذه الآية عامة. وما جاء أن المراد بالإنسان هو حذيفة بن المغيرة فعلى فرض صحة نزولها فيه لا يقيدها لأن سبب النزول لا يكون سببا للقيد في الآيات العامة، قال تعالى إن هؤلاء الكفرة لم ينفردوا في هذه المقالة وإنما «قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» مثل قارون وأضرابه «فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ٥٠» من متاع الدنيا ولم يأخذوا معهم منه شيئا للآخرة البتة

«فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>