من أن ينالكم سلاح عدوكم في الحرب «فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ» ٨٠ يا آل داود، وهذا استفهام بمعنى الأمر، أي أديموا الشكر لله على ذلك. واللبوس لغة كل ما يلبس، قال ابن السكّيت:
البس لكل حالة لبوسها ... اما نعيمها واما بوسها
«وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ» سخرناها «عاصِفَةً» شديدة الهبوب ولا يرد هنا ما جاء في قوله (رخاء) في الآية ٣٧ من سورة ص في ج والآية ١٢ من سورة سبأ المارة لم يذكر فيها الأمران بل ذكر مدة سيرها حين تحمل البساط على الريح اللينة. أما العاصفة فتقطع أكثر مما ذكر هناك، وبما أن الله تعالى سخرها له فتكون على رأيه إن شاء رخاء لينة وإن شاء شديدة عاصفة تقطع السنة بساعة وأقل.
راجع كيفية جلب عرش بلقيس في الآية ٣٨ من سورة النمل في ج ١، فالريح بالنسبة لسيدنا سليمان كالفرس إن شاء أطلقها فغارت وإن شاء أمسكها فسارت، فإذا أراد أن تشتد اشتدت وإذا أراد أن تلين لانت، يدل عليه قوله تعالى «تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها» بالأشجار والأنهار والثمار واعتدال الهواء فضلا عن أنها مهبط الأنبياء ومثواهم «وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ» ٨١ لأن هذه الأشياء وغيرها تجري بمقتضى حكمتنا وتدبيرنا «وَمِنَ الشَّياطِينِ» سخرنا له «مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ» في البحار لاستخراج الدراري «وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ» الغوص، من البناء الرفيع، والتصوير الجميل، وعمل القدور والجفان العظيمة، والقوارير والصابون وغيرها مما عرف ذلك الزمن وما لم يعرف، «وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ» ٨٢ فلا يزيغون عن أمره ولا يفسدون في الأرض ولا يبدلون ما أمروا به فلا يخالفونه بشيء ما. قالوا نسجت الشياطين لسليمان بساطا ذهبا في إبريسم فرسخا في فرسخ، وكان يوضع له منبر من ذهب وسطه فيقعد عليه وحوله ثلاثة آلاف كرسي من ذهب وفضة، يقعد عليها الأنبياء والعلماء وحولهم الوجهاء والأمراء، وحولهم عامة الناس، وحول الناس الجن والشياطين، وتظلّهم الطير بأجنحتها، وترفع الصبا البساط مسيرة شهر صباحا ومثلها مساء، وذلك بمدة ساعة أو ساعة ونصف على الاختلاف في تقدير الفرسخ، لأن الغدو من