[مطلب ما نزل في الوليد بن المغيرة ثم في خبث أبي جهل]
«ذَرْنِي» خل بيني «و» بين «مَنْ خَلَقْتُ» في بطن أمه «وَحِيداً ١١» لا مال له ولا ولد ولم يشاركني في خلقه أحد، فدعه وكله لي فأنا أكفيكه «وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً ١٢» كثيرا غير منقطع إنماؤه، وكان له أرض بالطائف لا ينقطع ثمرها ومن النقد تسعة آلاف مثقال وإبل وخيل وغنم وعبيد وجوار كثيرة وكان قبل لا شيء عنده كما ذكر ابن عباس «وَبَنِينَ شُهُوداً ١٣» لا يغيبون عنه ولا يضعفون صيفا ولا شتاء لغنائهم ويحضرون معه المحافل ليعتزبهم وهم عشرة أسلم منهم خالد وهشام وعمارة فقط «وَمَهَّدْتُ» بسطت له من العيش وكل ما يحتاجه «تَمْهِيداً ١٤» مع الرئاسة على قومه وطول العمر، وكان يدعى ريحانة قريش. والمراد به من هذه الآيات من ذرني فما بعد الوليد بن المغيرة المخزومي إن كان بدأ البعثة فقيرا لاسعة له في المال والولد، وكان عليه بعد أن منّ الله عليه بتلك السعة أن يؤمن بحضرة الرسول لا أن يكفر به حتى اقتضى نزول هذه الآيات فيه. ومن هذا يستدل على أن هذه السورة لم تنزل جملة واحدة بل نزل القسم الأول منها، ثم نزل ما هو بحق الوليد بعد حيث لم تنزل سورة بتمامها قبل الفاتحة كما ذكرنا آنفا انه كانت تنزل الآية والآيتان والجملة والجملتان على حضرة الرسول ليتمّرن على تلقي كلام ربه، وما قيل ان هذه الآية منسوخة بآية السيف لا وجه له لأنها من الأخبار وقد ذكرنا قبلا أن الأخبار لا يدخلها النسخ في الآية/ ٤٤/ من سورة القلم المارة قال تعالى:«ثُمَّ يَطْمَعُ» يرجو مع كفره وتكبره وعدم شكره وإيمانه «أَنْ أَزِيدَ ١٥» له مالا وبسطة وولدا «كلا» لا يطمع ولا يرجو فلا أفعل له ذلك مادام على ما هو عليه «إِنَّهُ كانَ» ولا يزال «لِآياتِنا» المنزلة على رسولنا «عَنِيداً ١٦» عاتيا لا يميل لدلائل توحيدنا منكرا لا يصدق رسولنا جاحدا النبوة واليوم الآخر والتوحيد قال مقاتل ما زال الوليد بعد نزول هذه الآية في نقص من المال والولد والرفعة والجاه حتى هلك وكان كفره عنادا وهو أفحش انواع الكفر الأربعة المبينة في الآية ٤ من سورة البروج