رجما بالغيب في أشياء كهذه، لا يجدر بالعاقل الخوض فيها، بل عليه أن يكل علمها إلى الله، ومن يعش ير هذا، وجاء في رواية: تتحصن الناس في حصونهم فيرمون بسهام إلى السماء، فترجع مخضبة بالدماء، فيقولون قهرنا من في الأرض، وعلونا من في السماء، فيزدادون قسوة وعتوا، فيبعث الله عليهم نفقا (ذودا يكون في أنوف الإبل) في رقابهم فيهلكون، فو الذي نفسي بيده إن دواب الأرض لتسمن وتشكر من لحومهم شكرا، أي يمتلىء أجسادها لحما، يقال شكرت الدابة إذا امتلأ ضرعها، أخرجه الترمذي. وروى البخاري عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: ليحجنّ البيت، وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج.
يدل هذا الحديث على أن الإسلام يتجدد بعد هلاكهم، والله أعلم.
[مطلب أن ذا القرنين ليس اسمه إسكندر وليس بالمقدوني ولا اليوناني ولا الروماني وإنما هو ذو القرنين:]
وليعلم أن لفظ إسكندر الذي أطلق على ذي القرنين هذا ليس هو الإسكندر الرومي الذي ملك الفرس والروم والذي يؤرخ الروم بأيامه، لأن هذا الذي نحن بصدده كان على عهد إبراهيم عليه السلام بعد نمرود وقد عاش ألفا وستمئة سنة قبل إسكندر المقدوني بأكثر من ألفي سنة، لأن إسكندر المقدوني ولد قبل المسيح بثلاثمائة وست وخمسين سنة، وولايته قبلها في سنة ٢٣٦، ووفاته سنة ٣٤٠، فيكون عمره ٣٣ سنة، وكان وزيره أرسطو طاليس الفيلسوف المشهور الذي حارب دارا وأذلّ ملوك الفرس ووطئ أرضهم، وعمر الإسكندرية وغيرها، وكان كافرا، وقد غلط كثير من العلماء والمفسرين فظنوه هو المذكور في القرآن، وحاشا كلام الله أن يشمل هذا الكافر بما ذكر من الثناء، وليس هو الإسكندر اليوناني الذي ولي الملك بعد أبيه مرزين، واسمه المرزبان المار ذكره أول الآية ٨٤ وإنما هو غيرهما، وهو رجل اسمه ذو القرنين فقط، كما ذكر الله، وهو رجل صالح، نابه طيب، وقد قبض الله له قرناء صالحين، فأطاع الله وأصلح سيرته، وقصد الملوك والجبابرة وقهرهم، ودعا الناس لطاعته على طاعة الله تعالى وتوحيده، قالوا ولما أقبل إلى مكة شرفها الله ونزل بالأبطح قالوا له في هذه البلدة خليل