المجادلة، ومثلها الآية ٦٥ من المائدة، وقوله (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) الآية ٢٤ من سورة التوبة إلى غيرها من الآيات في ج ٣ كالآية ٨ من سورة الصف والآية ٥ من سورة النور وغيرها.
قال تعالى «وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ» الصريح من قبل الله تعالى وهو هذا الدين الراسخ المستمد من كلام الله المنزل عليّ لآمركم بالإيمان به «وَزَهَقَ الْباطِلُ» اضمحل وانمحق، وهلك الباطل الذي تدينون به والشرك الذي تزعمونه، وبطلت عبادة الأوثان والشيطان وغيرها. يقال زمقت نفسه إذا خرجت من الأسف. روي البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود قال: دخل النبي صلّى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وكان حول البيت ثلاثمائة وستون صنما فجعل يطعنها بعود في يده ويقول (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)(جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ) وفي رواية الطبراني في الصغير والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس أنه صلّى الله عليه وسلم جاء ومعه قضيب فجعل يهوي به إلى كل صنم منها فيخرّ لوجهه، فيقول (جاءَ الْحَقُّ) الآية «إِنَّ الْباطِلَ» مهما كان أمره «كانَ زَهُوقاً» ٨١ زائلا سريع الزوال، ومهما صارت له دولة وصولة، فإنه لا يدوم، لأنه ظلم والكفر مع العدل قد يدوم، والظلم مع الإيمان لا يدوم. قال تعالى (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) الآية ١١٧ من سورة هود في ج ٢، وهذا آخر الآيات المدنيات الثماني وفسرناها على كونها مدنيات وذكرنا ما يحتملها من التفسير على القول بأنها مكيات، وبينّا ما فيه.
مطلب الاستشفاء بالقرآن على نوعين وثالثهما العقيدة:
قال تعالى «وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ» من أمراض القلوب وبيان من الضلالة والجهالة، يتبين به المختلف فيه، ويتضح به المشكل، ويستشفى به من الشبهات، ويهتدى به من الحيرة. وليعلم أن الأمراض التي يستشفى لها بالقرآن نوعان الأول الاعتقادات الفاسدة في الذات المقدسة والصفات المطهرة والنبوات المعظمة والقضاء والقدر والبعث بعد الموت، فالقرآن العظيم مشتمل على دلائل المذهب الحق فيها كلها ومصرح على إبطال المذاهب الفاسدة منها، فلا جرم أن القرآن الكريم خير