للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاف لما يحوك في القلوب ويتردد في الصدر من هذه الأمراض ولا طب لهذه الظنون الخبيثة إلا الأخذ بكتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلم وأقوال الفقهاء العارفين.

النوع الثاني الأخلاق المذمومة كالكذب والزنى والقمار والقتل والتعدي على الغير والربا وأكل الحرام وأكل مال اليتيم والغيبة والنميمة والتجسس والغمز واللمز وتطفيف الكيل والوزن والذرع والغضب والحدة والحمق وغيرها مما شاكلها، فإن القرآن الجليل لا شك أعظم شاف منها وخير منفّر عنها وأحسن مرشد لاجتنابها والأخذ بأضدادها من الأخلاق الفاضلة والآداب الكاملة والخصال المحمودة، كالوفاء والسماح والعفو ولين الجانب والتؤدة والصبر وخفض القول والعفاف والصفح والكظم وشبهها مما يضاهيها، فلا دواء لها أنفع من الأخذ بآيات القرآن وسنن المنزل عليه.

أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال إني أشتكي صدري فقال عليه الصلام والسلام اقرأ القرآن يقول الله تعالى (وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ) الآية ٥٧ من يونس في ج ٢. وأخرج البيهقي في الشعب عن وائلة ابن الأسقع أن رجلا شكا إلى النبي صلّى الله عليه وسلم وجع حلقه فقال عليك بقراءة القرآن.

والأخبار في هذا كثيرة جدا وأقوال العارفين والعلماء العاملين تشير إلى ذلك أيضا، وقد جرّب هذا فنفع من كان له إيمان وعقيدة راسخة، أما من لم يعتقد به فهو عليه وبال، راجع الآية ٤٣ من سورة فصلت في ج ٢، أما الأمراض الجسمانية فهي نوعان أيضا: ظاهرة كالجروح والدماميل والكسور وما شابهها فهذه لا بدّ لها من التداوي بالعقاقير المجربة لمثلها والتضميد وغيره، وباطنة كمرض الأمعاء والرئة والمثانة والكلى والكبد والطحال وغيرها، فكذلك لا بد لها من النداوي عند الأطباء الحاذقين المجربين المؤمنين، ولا بأس من التداوي عند غيرهم من أهل الكتاب عند فقدهم لأن الضرورات تبيح المحظورات، ولكن الضرورة تقدر بقدرها لأن هذين النوعين مباينين للنوعين الأولين، أما الأمراض الأخرى كالفتور والخدر والفلج وضرب الرأس وبعض أنواع الجنون واعتراء الوهم والوسواس وما أشبه ذلك فيجوز أن يعرضها على الأطباء الحاذقين بها وعلى حملة كتاب الله العارفين الأمناء فإن قراءة القرآن والتعاويذ به تدفع وتنفع لأمراض كثيرة وتشفي من علل وافرة،

<<  <  ج: ص:  >  >>