وهذا لا يمنع من التداوي لها بالعقاقير وما يصفه الأطباء، إذ قد يجوز بآن واحد أن يستعمل المريض الدواءين المادي والمعنوي الاعتقادي. ويؤمر المصاب بتعاطي الأسباب من الدواءين لأن الرسول حث على التداوي، فقال تداووا عباد الله فإن الله لم يخلق داء إلا وخلق له دواء. لا سيما الكسور والجروح والإمساك والانطلاق، وقد وصف صلّى الله عليه وسلم عسلا لمنطلق بطنه ولم يقل له اقرأ عليه القرآن مع أنه بتقدير الله شاف لكل شيء، وقد وقع من بعض الأنبياء والأولياء العارفين من ردّ العين بعد العمى وجبر اليد بعد الكسر وشفاء الأبرص والأكمه بل وإحياء الموتى على طريق خرق العادة وهو ممكن بإذن الله على يد من وفقه الله. والقاعدة أن ما جاء على خلاف القياس لا يقاس عليه وهذا منها، وما جاء من قوله صلّى الله عليه وسلم من لم يستشف بكتاب الله فلا شفاه الله. فليس على إطلاقه كما ذكرنا ومما يستشفى به من القرآن العظيم للدفع والرفع تلاوة الفاتحة لكثرة الأحاديث الواردة فيها وآية الكرسي لأنها أعظم آية في القرآن وآيات الشفاء الست وهي:(وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) الآية ١٤ من سورة التوبة (وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ) الآية ٥٦ من سورة يونس (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) الآية ٧٩ من سورة النحل في ج ٢ والآية المفسرة هذه (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) الآية ٨٠ من الشعراء المارة و (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ) الآية ٤٤ من سورة فصلت في ج ٢ فقد قال السبكي جرّبت كثيرا من المرضى بتلاوتها عليهم فنقعت بإذن الله. وقال القشيري إنه مرض له مريض قد أيس من حياته فرأى الله عز وجل في منامه فشكا له سبحانه ذلك، فقال له اجمع آيات الشفاء واقرأها عليه أو اكتبها في إناء واسقه فيه ما محيت به ففعل فشفاه الله تعالى. ومنها قصة الأبوصيري صاحب البردة المشهورة، ومنها المغفور له الشيخ أمين الجندي الحمصي المتوفى في شوال سنة ١٢٥٧ تغمده الله برحمته إذ كان مبتلى بداء عضال أعيا الأطباء فنظم قصيدته المشهورة واستغاث فيها إليه تعالى وتوسل بجاه رسوله صلّى الله عليه وسلم فشفاه الله وكان مطلعها:
توسلت بالمختار أرجى الوسائل ... نبي لمثلي خير كاف وكافل