لم ينصحوا لله ورسوله، قال أبو موسى الأشعري لعمر بن الخطاب إن لي كاتبا نصرانيا، فقال مالك وله قاتلك أما سمعت قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) الآية ٥١ المارة، ألا اتخذته حنيفا، قال له دينه ولي كتابته، فقال لا أكرمهم إذا أهانهم الله
، ولا أعزهم إذا أذلهم الله، ولا أدينهم إذا أبعدهم الله، قال له أبو موسى لا يتم أمر البصرة إلّا، فقال له عمر رضي الله عنه مات النّصراني والسّلام أي هب أنه مات النّصراني فما تصنع بعد موته فاصنعه الآن، واستغنى عنه بغيره، وهذه الآية عامة في جميع المؤمنين السّابقين واللاحقين، لأن خصوص السّبب لا يمنع عموم الحكم.
مطلب في الّذين ارتدوا عن الإسلام في زمن الرّسول وبعد واخبار الرّسول بذلك عن طريق الاعجاز ومن دخل في الإسلام:
قال تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ» إلى دين آخر، فإنه لن يضر الله شيئا وإنما يضر نفسه «فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ» بدلهم ثابتين على الإيمان «يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ» وهذه الآية من الأخبار بالغيب إذ كان في علم الله الأزلي إن أناسا بعد فقد الرّسول صلّى الله عليه وسلم يرجعون عن الإسلام ومنهم من يرتد عن دينه في زمنه، فأعلمه الله بذلك قبل وقوعه، ومن هؤلاء الأسود العنسي ذو المجاز رئيس بني مدلج إذ تنبأ باليمن واستولى على بلاده فيها وأخرج عمال رسول الله منها، فكتب النّبي إلى معاذ بن جبل وإلى سادات اليمن فيه، فأهلكه الله تعالى على يد فيروز الدّيلمي، وأخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، بقتله قبل ورود خبره، وقبض رسول الله في الغد وقد أتى خبر قتله آخر ربيع الأوّل سنة ١١ من الهجرة بالوقت الذي ذكره رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهذه معجزة أيضا، لأنه من الإخبار بالغيب، وكذلك مسيلمة الكذاب تنبأ وكتب إلى رسول الله أما بعد. فإن الأرض مناصفة بيني وبينك، فكتب له حضرة الرّسول إنها لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين. وتنبأ طلحة بن خويلد رئيس بني أسد فبعث اليه صلّى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فقاتله وانهزم إلى الشّام ثم أسلم بعد ذلك. ومن الّذين ارتدوا بعد وفاته صلّى الله عليه وسلم فزارة الّذين رأسهم عيينة بن حصن، وغطفان الّذين