رأسهم قرة بن سلمة القشيري، وبنو سليم الّذين رأسهم الفجاءة بن عبد ياليل، وبنو يربوع الّذين رأسهم مالك بن نويرة اليربوعي، وكندة الّذين رأسهم الأشعث بن قيس وبنو بكر قوم الخطيم بن زيد وقوم سجاح بنت المنذر من بني تميم التي ادعت النبوة وتزوجت بمسيلمة الكذاب، وقد أهلكهم الله جميعا على يد خليفته أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقتل وحشي بن عدي قاتل الحمزة مسيلمة الكذاب، فقال قتلت خير النّاس في الجاهلية يريد حمزة، وشرهم في الإسلام يريد مسيلمة، وهؤلاء الّذين يحبهم الله ويحبونه احياء من أهل اليمن من النّخع وكندة وبجيلة وغيرهم ممن دخل في الإسلام في خلافة أبي بكر وعمر الفاروق وجاهدوا في حرب القادسية.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا، الإيمان يمان والحكمة يمانية. ومن دخل في الإسلام بعد ذلك من فارس الّذين قال الرّسول فيهم لو كان الإيمان بالثريا لتناوله رجال من فارس. راجع الآية الثالثة من سورة الجمعة المارة، وآخر سورة محمد عليه الصّلاة والسّلام أيضا. ثم وصف الله جل شأنه هؤلاء بقوله «أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ» من شدة رحمتهم تراهم خافضي الجناح لهم متواضعين مترفقين فيهم مشفقين عليهم، يعاملونهم باللين معاملة الوالد ولده «أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ» غلاظ شداد عليهم مظهرين قوتهم وألفتهم عليهم كالأسد على فريسته «يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» مع إخوانهم المؤمنين من عادى الله ورسوله من الكافرين والمنافقين والموالين إليهم الّذين إذا أرادوا الخروج مع الرّسول خافوا مواليهم أن يلوموهم، فلا يجاهدون معه خشية لومهم لضعف دينهم وعدم مبالاتهم به، وهذه الآية تضاهي الآية الأخيرة من سورة الفتح المارة في المعنى فلا يبالون بهم «وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ» ولا عذل عاذل في نصرة دينهم من أحد ما، لأنهم أقوياء فيه حريصون عليه، روى البخاري ومسلم عن عبادة بن الصّامت قال بايعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم على السّمع والطّاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف بالله لومة لائم. ذلك الإيمان الخالص وقوة الجأش وشدة البأس هو «فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ» من عباده،