ويسلبه عمن يشاء من أهل عناده، «وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ»(٥٤) بمن يستحق فضله فيهبه له من كرمه العميم. فيا أيها المؤمنون الرّاسخون في الإيمان «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا» الذينهم من حزب الله «الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ» المفروضين عليهم «وَهُمْ راكِعُونَ»(٥٥) لله ساجدون لهيبته «وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا» ويخلص لهما إخلاصا حقيقيا «فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ ٥٦» الفائزون بخيري الدّنيا والآخرة. نزلت هذه لآية في عبادة بن الصّامت رضي الله عنه لمقالته الآنفة الذكر في عبد الله بن سلام حين قال يا رسول الله إن قومنا قريضة والنّضير هجرونا وأقسموا أن لا يجارونا ولا يجالوسنا. وهي عامة في جميع المؤمنين المخلصين، ولا وجه لقول من قال بتخصيصها في سيدنا علي كرم الله وجهه لأنها نزلت وهو راكع لأنه من جملة المؤمنين الموصوفين فيها وهو سيدهم. واعلم أن مجموع حروف هذه الآية (فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ) إلخ بحسب الجمل (١٣٧٩) وتقدم أن آية الصّافات (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا) إلخ أن مجموعها ١٣٦٠ وآية المؤمن الأخيرة وهي (وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) في ج ٢ كذلك مجموعها ١٣٦٠ فنسأل الله أن يجعل فتحا للاسلام وسبيلا إلى النّصر والتوفيق لهم ما بين هذين التاريخين، وأن يتم لهم وحدتهم ويزيل عنهم أعداءهم، ويجمع كلمتهم، ويوفقهم لما له النّجاح والفلاح. وقد بينا في تفسير هذه الآيات والآية ٥٨ من المجادلة المارة التي مجموعها ١٩٥٨ بحساب الميلادي ما يتعلق بهذا البحث فراجعها، واسأل ربك أن يمحق كلمة الكفر ويكسر شوكتهم، وأن يكون الأمر كله في الأرض لعباد الله الصّالحين، وأن يطيل عمرنا مع حسن العمل وقوة الجوارح والاستغناء عن شرار النّاس، حتى نرى أياما زاهرة بالإسلام عامرة بالإيمان قبل ذلك التاريخ وما ذلك على الله بعزيز. قال تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ» من اليهود والنّصارى «وَالْكُفَّارَ» عبدة الأوثان الّذين كفرهم أغلظ من كفر غيرهم «أَوْلِياءَ» لكم ونصراء وأحباء «وَاتَّقُوا اللَّهَ» من أن تفعلوا شيئا من ذلك أبدا «إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ»(٥٧) بالله