ورسوله إيمانا خالصا، راجع الآية ٥١ المارة. ثم ذكر بعض مساويهم فقال «وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ» وأذنتم لاقامتها «اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً» استخفافا بدينكم «ذلِكَ» صدور الهزؤ واللّعب منهم على شعائركم ومناسككم «بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ»(٥٨) معنى الصّلاة والأذان ولا يفقهون المراد منها ولا يعلمون مكانة فاعلها عند الله لجهالتهم وسفههم. نزلت الآية الأولى في سويد ابن الحارث ورفاعة بن سويد بن التابوت اليهودي، لأنهما أظهرا الإسلام ووالاهما بعض المسلمين مع علمهم أنهما يبطنان الكفر ويظهران الإسلام استهزاء بهم، فحذرهم الله من موالاتهم، والثانية في اليهود الّذين يتضاحكون عند سماع الأذان، ورجل
نصراني في المدينة كان إذا سمع الشّهادتين يقول حرق الله الكاذب، فطارت عليه شرارة ذات ليلة من يد خادمه وهو نائم فأحرقته وأهله في بيته. قال تعالى يا سيد الرّسل «قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا» أي هل تجدون ما ينقم به علينا ويتكبر عليه من الأعمال والأقوال «إِلَّا» شيئا واحدا تزعمونه موجبا للنقمة وهو «أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ» على الأنبياء السّالفين، وهذا مما لا ينكر عليه ولا يوجب الانتقام على حد قوله:
ولا عيب فيهم غير أن نزيلهم ... ينسى بهم أهليه والولدا
أي أن هذا ليس بعيب مما يستوجب الذم لينتقم من فاعله وإنما هو أمر جليل وفعل كريم يستوجب المدح والتعظيم، ولهذا وصمهم الله بقوله عز قوله «وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ»(٥٩) خارجون عن منهج الصّواب متجاوزون الحد في الاعتدال، وذلك أنهم سألوا حضرة الرّسول عمن يؤمن به من الرّسل فعد من آدم إلى عيسى، فقالوا والله لا نؤمن بمن يؤمن بعيسى. وإنما قال أكثركم لعلمه تعالى أنه يؤمن أناس منهم «قُلْ» يا سيد الرّسل لهؤلاء «هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ» الذي نقمتم به علينا وأنكرتم نبوّته «مَثُوبَةً» أي عقوبة وقد وضعت المثوبة موضع العقوبة تهكما وتبكيا كما توضع البشارة موضع النّذارة قال تعالى فبشرهم بعذاب اليم الآية ٨ من سورة الجاثية وعلى طريقة قول القائل