به واحد دون آخر «عَلى ذلِكَ» الحال «لَشَهِيدٌ ٧» لأنه لم يظهر أثر أنعام الله عليه فقد كفرها فيكون لسان حاله شاهدا عليه دون لسان قاله وأعاد بعض المفسرين الضمير الى الله أي أن الله تعالى شاهد على جحوده، والأول أولى يؤيده قوله جل قوله «وَإِنَّهُ» أي جنس الإنسان قولا واحدا «لِحُبِّ الْخَيْرِ» المال، وأتى بهذا المعنى هنا، وفي قوله تعالى (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) الآية ١٨١ من البقرة في ج ٣ أي مالا كثيرا ولا يجوز عود الضمير هنا الى الله إذ لا يجوز أن يوصف بقوله «لَشَدِيدٌ ٨» بخيل ممسك لاستحالته عليه تعالى ولأن الضمير راجع الى الجاحد في الجملة الاولى وهنا أيضا وأن اتساق الضمائر وعدم تفككها اولى عند الإمكان كما هنا، وجاء بكلام العرب شديد بمعنى بخيل ومن قول طرفة:
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفى ... عقيلة مال الفاحش المتشدد
وإذا لم يكن الرجل هشا منبسطا عند الإنفاق يسمى شديدا عبوسا ولهذا هدده الله وأوعده بقوله «أَفَلا يَعْلَمُ» هذا البخيل مغبة بخله «إِذا بُعْثِرَ» بعث «ما فِي الْقُبُورِ ٩» من الموتى واخرجوا من برزخهم وأبرزوا للحساب والجزاء وزيدت الراء في بعثر لأن قيامهم من القبور يكون بعد بعثرة اجزائهم وتفتتها كالتراب، وعبر عن المبعوثين بلفظ ما دون من ليعم الإنسان وغيره من سائر الحيوان «وَحُصِّلَ» أظهر وجمع «ما فِي الصُّدُورِ ١٠» من الخير والشر الكامن فيها وميز بينهما
«إِنَّ رَبَّهُمْ» أي أولئك المبعوثون من أجداثهم «بِهِمْ يَوْمَئِذٍ» يوم إخراجهم من قبورهم يوم القيامة وأفرازهم عن بعضهم يوم يقول الله جل قوله:
(وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) الآية ٥٩ من سورة يس الآتية «لَخَبِيرٌ ١١» بما عملوه في دنياهم لا يخفي عليه شيء منه فيجازيهم بحسبه وخص أعمال القلوب بالذكر دون الجوارح لأن أعمالها تابعة لها فلولا البواعث والواردات في القلب لما حصلت أعمال الجوارح، هذا وأن ما أخرجه البزار وغيره عن ابن عباس من أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعث خيلا ولبث شهرا لا يأتيه خبر عنها فنزلت هذه السورة لا قيمة له إلا أن يقال تلاها حينذاك لأن هذه السورة مكية، وبعث السرايا لم يكن إلا