العاقل هداك الله لتوفيقه وأرشدك لسلوك طريقه، أن معنى رفع الأيدي إلى السماء هو طلب الاستعطاء من الخزانة التي نوه بها في قوله عز قوله (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) الآية ٢٣ من الذاريات في ج ٢، وقوله جل قوله (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) الآية ٢١ من سورة الحجر في ج ٢ أيضا، وإن الذي استوى على العرش هو مظهر الصفة الرحمانية، ومن أثبت له مكانا بالمعنى المعلوم فهو من المجسمة، والله منزه عن الجسم اه بتصرف عن روح البيان. هذا ولما سمع موسى عليه السلام هذا النداء المتكرر والأمر بالاستماع عقبه الأمر بالعبادة، علم بإلهام الله إياه أن ذلك لا يكون ولا ينبغي أن يكون إلا من الله، وأيقن به، وتأهب لمقام الهيبة والجلال لاستماع الأمر العظيم الذي أمره به، واعترف له بالعبودية وأصغى لما يكون بعدها من الأمر، قال تعالى «وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي» ١٤ خاصة لأني ذكرتها في الكتب القديمة وأمرت اخوانك الأنبياء بإقامتها فأقمها مثلهم.
هذا، ومن قال إن المراد بهذا الأمر، إذا تركت صلاة ثم ذكرتها فأقمها، أي اقضها، لا وجه له، لأن الصلاة لم تفرض عليه بعد حتى يعلمه ما يتعلق بها.
[مطلب فضل الصلاة الفائتة:]
ان ما احتج به هذا القائل في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسي صلاة فليصلّ إذا ذكرها لا كفارة له إلا ذلك.
وتلا قتادة (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) وفي رواية عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم نام عن صلاة الصبح فلما قضاها قال: من نسي صلاة فليقضها إذا ذكرها. وفي رواية إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلّها إذا ذكرها، فإن الله عز وجل قال (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) لا يصح دليلا على ما نحن فيه لما قدمناه، وإنما يصح دليلا لنا إذا قدر مضافا محذوفا أي لذكر صلاتي، وقد ظن هذا القائل أن الحديث لو لم يحمل على هذا لم يصح التعليل به، وهو من بعض الظن، لأن التعليل صحيح من غير أن يحمل الحديث على الآية، وأنه عليه السلام أراد بهذا الحديث أنه إذا