في جميع ما يطلق عليه اسم الذنب، وقد ذكر التعميم بعد التخصيص لئلا يتوهم ان التحريم مقصور على الكبائر الفاحشة من قول أو فعل لكنها صرفت في العرف الآن الى الزنى واللواطة فاذا أطلقت انصرفت إليهما والا ففي الأصل لا تقتصر عليهما.
[مطلب معنى الإثم والبغي:]
وأما ما جرى عليه بعض المفسرين من أن الإثم هو الخمر فلا دليل عليه، بل لا يصح لأن العرب لم تسمها بهذا الاسم في الجاهلية ولا في الإسلام. نعم هي داخلة تحت الإثم لأنها سببه، ولأن مرتكبها آثم، إلا أن هذا لا يصرف معنى الإثم إليها فتفسيرها بالخمر خطأ بين بل غلط واضح، وليعلم أن الخمر حرمت بالمدينة بعد واقعة أحد ولم يقل أحد بأن هذه الآية مدنية لينصرف معناها إليه ولو كان مراد الله في هذه تحريم الخمر لما وردت الآيات بعدها بالتحريم تدريجيا باسمه الصريح المتعارف، إذ لو كان المراد بكلمة الإثم لكان المنهي عنه صريحا وكان بتا، ولا داعي حينئذ لتحريمه بعد ورود الآيات متتابعة أولا في النهي عن تعاطيه تعريضا في الآية ٦٧ من النحل في ج ٢، ثم النهي عن تعاطيه في الآية ٢١٩ من البقرة بسبب نفعيته وائمه، ثم في الصلاة في الآية ٤٢ من النساء ج ٣، ثم في الكف عنه جزما في جميع الأحوال في الآية ٩٠ من المائدة أيضا في ج ٣، وهذا من مقاصد اقدامي على هذا التفسير بالنمط الذي سرت فيه ليعلم غير العالم هذا وشبهه مما هو مقدم أو مؤخر، مطلق أو مقيد، عام أو خاص، ناسخ أو منسوخ بالمعنى المراد فيهما والله الهادي الى سواء السبيل. هذا، وما استدل به بعض المفسرين من قول القائل:
نهانا رسول الله أن نقرب الزنى ... وأن نشرب الإثم الذي يوجب الوزرا
لا يكون حجة لأن الخمر بعد أن حرمت صارت اثما، ولأنها غير معروفة عندهم بهذا الاسم وقد خصها لينصرف المعنى إليها وكذلك الاستدلال بقول الآخر:
شربت الإثم حتى ضل عقلي ... كذاك الإثم يذهب بالعقول
لأنه يتأثم به وقد نعته لينصر معناه عليه وعلى هذا جرى ابن الفارض رحمه الله بقوله:
وقالوا شربت الإثم كلا وإنما ... شربت التي في تركها عندي الإثم