لا يكون دليلا على التسمية قبل التحريم وكله جار مجرى المجاز لأنها صارت إثما كبيرا بعد التحريم أما قبله فلا «وَالْبَغْيَ» أي الظلم والاستطالة على الناس وانما أفرده بالذكر مع انه داخل تحت الفواحش والإثم لعظم ارتكابه مبالغة في الزجر عن الأقدام عليه، ولو خامة عاقبته يوشك أن لا يمهل الله فاعله الى الآخرة بل يعجل عقوبته في الدنيا وفيه قيل:
لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكا ... جنوده ضاق عنها السهل والجبل
وقال الآخر:
ان يعد ذو بغي عليك فخله ... وارقب زمانا لانتقام باغي
واحذر من البغي الوخيم فلو بغى ... جبل على جبل لدك الباغي
«بِغَيْرِ الْحَقِّ» متعلق بالبغي لأنه لا يكون الا بغير الحق، فإذا كان الاعتداء بحق لا يسمى بغيا بل مقابلة وهي جائزة، أما لو بغى عليك بضربة يد فقابلته بالسيف فقد بغيث عليه، ولو شتمك بلسانه فشتمته وضربته فقد بغيت عليه لأن الله أباح المقابلة بالمثل، راجع الآية ١٩٤ من البقرة في ج ٣. وقد قال تعالى في الآية ١٩٠ منها:(وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.) ومن لا يحبه الله يبغضه والأحسن عدم المقابلة والسكوت قال ابو نواس:
خل جنبيك لرام ... وامض عنه بسلام
مت بداء الصمت خير ... لك من داء الكلام
ربما استفتحت بالنطق ... مغاليق الحمام
انما السالم من أل ... نجم فاه بلجام
وقال تعالى:(وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ) الآية ١٣٤ من آل عمران في ج ٢، ولهذا البحث صلة في الآية ٣٧ فما بعدها من سورة الشورى في ج ٢ فراجعه ففيه الكفاية، قال تعالى «وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ» حرم الإشراك لأنه مضاهاة للربوبية وهو أعظم المحرمات لأنه كفر، أما بقية المحرمات إذا لم يستحلها مقترفها فلا يكون كافرا بل عاصيا، أي تعبدوا شيئا «ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ