الدنيا «فَهَلْ أَنْتُمْ» الآن «مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً» حصة وجزءا «مِنَ النَّارِ ٤٧» بأن تدفعوا عنا ألمها ولو ساعة لقاء ما كنا نخدمكم في الدنيا وننقاد لأمركم بمخالفة الرسل «قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا» لأتباعهم المستضعفين «إِنَّا كُلٌّ فِيها» فلا نستطيع أن ندفع عن أنفسنا فكيف يمكننا أن نتحمل عنكم قسما من عذابها فاسكتوا «إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ ٤٨» ولا راد لحكمه ولا دافع لقضاءه «وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ» لما اشتد عليهم البلاء فيها هلم «ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ ٤٩» لنستريح فيها من ألمها المبرح «قالُوا» لهم «أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ» وينذرونكم أيها الكفرة لقاء يومكم هذا ويحذرونكم وباله؟ «قالُوا بَلى» جاءونا ونصحونا وخوفوها هول هذا اليوم وعذابه ولكنا كذبناهم «قالُوا» لهم «فَادْعُوا» أنتم لأنفسكم لا ندعو لكم نحن لأنكم لا عذر لكم بعد أن بلغكم الرسل ذلك، ولم تصغوا لإرشادهم. قال تعالى قاطعا لأطماعهم «وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ ٥٠» لا يسمع ولا يجاب لأنه عبث باطل دعوا أو لم يدعوا،
ثم ذكر ما يغيظهم ليزدادوا غما فقال «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا» بإعلاء كلمتهم على مجادليهم وتوفيقهم إلى الحجج الظاهرة والبراهين القاهرة والدلائل الباهرة مع النصر الفعلي على أعدائهم في الدين كما نوهنا به في الآية ١٠٣ من سورة يونس والآيتين ١٧٢/ ١٧٣ من سورة الصافات المارات وله صلة في الآية ٤٧ من سورة الروم الآتية «وَ» إنا نحن الإله القادر كما ننصرهم في الدنيا سننصرهم «يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ ٥١» من الحفظة والأصفياء والكتب وغيرها فيشهدون على الأمم بما فعلوا في الدنيا وتكذيبهم للرسل وفيه تشهد الأمم الصالحة للرسل على أنهم بلغوا أممهم فكذبوهم ويكون لهم هذا النصر أيضا «يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ» لأنهم اعذروا في الدنيا بالإنذار من قبل الرسل والدنيا هي محل قبول العذر، أما الآخرة فلا اعتذار فيها ولا إنذار بل يكون لهم فيها التوبيخ والتقريع واللوم «وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ» أيضا وهي الطرد من رحمة الله والبعد عنه «وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ٥٢» جهنم وبئست الدار هي. ولفظة يوم الأخيرة بدل من