[مطلب ما يقال في مواقف القيامة وعدم جواز أخذ الأجرة على الأمور الدينية:]
«قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ» ٩٦ بعضهم لبعض أثناء الخصام «تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ» ٩٧ نحن وإياكم ومن الضلال بمكان «إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ» ٩٨ فنعليكم ونجعلكم سواسية معه، وما أنتم إلا مخلوقون مثلنا، فكيف نعبدكم دون خالقكم «وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ» ٩٩ الّذين سنوا لنا الشرك قديما من إبليس وقابيل، فهما أول من سن العصيان في الأرض، وهذا إنما يتجه إذا كان هذا القول من التابعين والمتبوعين، أما إذا كان من التابعين فقط فيكون معنى المجرمين الرؤساء والقادة، يدل على الأول قوله تعالى «فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ» ١٠٠ يشفعون لنا اليوم مثل ما للمؤمنين من الأبناء والأولياء والملائكة والصالحين «وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ» ١٠١ مخلص كما لهم أيضا، حيث يكون التصادق إذ ذاك بين المؤمنين والتعادي بين الكافرين، قال تعالى:(الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) الآية ٢٨ من سورة الزخرف، وهؤلاء الذين كان يجمعهم إخاؤهم على التقوى، أما الذين يجمعهم إخاؤهم على المعصية الذين لا يتناهون عن منكر فعلوه فيكون كل منهم عدوا للآخر، لأن كل من كانت صداقته في الدنيا لأغراض قبيحة لا تدوم صداقته في الدنيا ولا تنفع في الآخرة ذويها، وتكون عليهم حسرة، راجع تفسير الآية ٣٤ من سورة مريم المارة والآية ١٤٠ من سورة البقرة في ج ٣. قال الحسن استكثروا من الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعة يوم القيامة، وقال صلّى الله عليه وسلم: استكثروا من الإخوان فإنهم عدة الدنيا وعدة الآخرة
«فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً» رجعة أخرى في الدنيا «فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» ١٠٢ بالرسل وما جاءوا به من الله، طفقوا يتمنون المحال لشدة الندم والأسف على ما فاتهم في الدنيا، مع أنهم لو أجيبوا لرجعوا إلى كفرهم، قال تعالى:(وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) الآية ٢٩ من الانعام. انتهى كلامهم، وسياق الآيات يدل على أنه من الطرفين كما ذكرنا «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ١٠٣ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ» ١٠٤ تقدم تفسير مثلها، ومن كمال رحمته إمهال أكثر قريش حتى آمنوا به، بخلاف الأمم الماضية فإنه عجل