إلى فضل الله والخضوع لأمره، وهو من أسماء المبالغة أي كل ما بدرت منه بادرة، أو فرط منه شيء تاب منه واستغفر ربه عنه.
مطلب صلاة الأوّابين وقصة سليمان وفي حادثة السيد سليمان هذه شرعت صلاة الأوابين وهي من السنن في شريعتنا وتسمّى صلاة الغفلة، لأن سيدنا سليمان غفل عن صلاة العصر بسبب اشتغاله باستعراض الخيل، صلاها بعد المغرب، مع أن المفروض عليه صلاة العصر، فلما غفل عنها صلاها بعد المغرب وقبل العشاء وهو وقت غفلة. وأقلها ركعتان، وغالبها ست وأكثرها عشرون كما في البيجوري علي ابن قاسم، ونقل الطحطاوي عن شرح الوقاية لشيخي زاده أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال أفضل الصلوات عند الله المغرب، لم يحطها عن مسافر ولا مقيم، فتح الله بها صلاة الليل، وختم بها صلاة النهار، فمن صلّى بعد المغرب ركعتين بنى الله له قصرين في الجنة، ومن صلّى بعدها أربعا غفر له ذنوب عشرين سنة، وقال المنادي الصلاة بين العشاءين هي ناشئة الليل المنوه بها في الآية ٦ من المزمل المارة. وقال الغزالي إحياء ما بين العشاءين سنة مؤكدة، ولهذا البحث صلة في الآية ٢٥ من الإسراء الآتية فراجعها،
واذكر يا محمد لقومك قصة «إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ» على سليمان قولا واحدا متفق عليه «بِالْعَشِيِّ» هو من العصر إلى الليل «الصَّافِناتُ الْجِيادُ ٣١» سميت الخيل صافنات لأنها تصفن أي تقوم على ثلاث وطرف الرابعة وسميت جيادا لسرعة ركضها وجريها، وما لم يكن كذلك فهي الكدش أي غير الأصيل من الخيل، وبقي يستعرضها حتى غابت الشمس فقال «إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ» سميت الخيل خيرا لسبق الخير فيها لأنها آلة الجهاد، قال تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) الآية ٦٠ من الأنفال في ج ٣. وقال صلّى الله عليه وسلم الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة. ومصداق هذا الحديث ظاهر لأنه مع احداث العجلات والسيارات والطيارات وغيرها لم يستغن عن الخيل، أي آثرتها فأشغلتني «عَنْ ذِكْرِ رَبِّي» في صلاة العصر لأنها مكتوبة عليه، وعلى أبيه قبله كتبت صلاة الظهر، ولا زال يستعرضها «حَتَّى تَوارَتْ»