فعظهم يا أكمل الرسل «وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ» ذلك يوم الخسران والندامة، إذ يتحسر المسيء على ما وقع منه في الدنيا ويتحسر المؤمن على تقصيره فيها أيضا لما يرى من عظيم ثواب غيره. روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أحد يموت إلا يندم. قالوا ما ندمه يا رسوله؟ قال إن كان محسنا ندم أن لا يكون ازداد، وإن كان مسيئا ندم أن لا يكون نزع- أخرجه الترمذي- وقال أكثر المفسرين إن يوم الحسرة يوم من أيام القيامة يذبح فيه الموت استنادا على ما رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بالموت على هيئة كبش أملح (مختلط سواده ببياضه والموت لا يذبح لأنه عرض والذبح للأجسام، إلا أن الله تعالى يجسمه بصورة كبش فيذبح على مشهد الخلائق فيموت ولا يرجى له حياة ولا وجود، وكذلك حال أهل الجنة وأهلّ النار لا زوال لهما ولا انتقاص) فينادي مناد: يا أهل الجنة! فيشرفون وينظرون، فيقول هل تعرفون هذا؟ فيقولون نعم هذا الموت وكلهم قد رآه، ثم ينادي مناد: يا أهل النار! فيشرفون وينظرون، فيقول هل تعرفون هذا؟ فيقولون نعم هذا الموت، وكلهم قد رآه. فيذبح بين الجنة والنار، ثم يقول: يا أهل الجنة خلود بلا موت، ويا أهل النار خلود بلا موت، ثم قرأ: وأنذرهم يوم الحسرة «إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ» فرغ من الحساب وأدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار وذبح الموت «وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ» عما يراد بهم بالآخرة لشدة انهماكهم في الدنيا، والواو في هذه الجملة وفي قوله جل قوله «وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ» ٣٩ للحال، أي والحال أنهم لا يصدقون أن الأمر قد فرغ منه، وأشار بيده إلى الدنيا. زاد الترمذي فيه: فلو أن أحدا مات فرحا لمات أهل الجنة، ولو أن أحدا مات حزنا لمات أهل النار.
لزيادة ما يرى الأول من النعيم والسرور، والآخر من العذاب والحزن، ويعلم كل منهم أنه خالد فيما صار إليه. ورويا عن ابن عمر أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار جيء بالموت حتى