الكرامات ومحل الاسرار ومجمع الأبرار وفيه فراغ القلوب واجتماع المحب بالمحبوب بخلاف النهار. ولهذه الأسباب وقع الإسراء ليلا كما أشرنا اليه أول سورة الاسراء ج ١ فراجعها وراجع سورة القدر وآية البقرة المذكورة أعلاه لتقف على ما يتعلق بها.
[مطلب في ليلة القدر وليلة النصف من شعبان وفضل الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأعمال:]
وتفسير هذه الليلة بليلة القدر هو ما عليه ابن عباس وقتادة وابن جبير ومجاهد وابن زيد والحسن وأكثر المفسرين وهو الموافق لظاهر التنزيل وهناك أقوال لعكرمة وغيره بأنها ليلة النصف من شعبان المسماة ليلة البراءة ومشى عليه بعض المفسرين لما روى البغوي بسنده أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال تقطع الآجال من شعبان الى شعبان حتى أن الرجل ينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى. ولما روى عن عائشة رضي الله عنها قالت قصدت رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذات ليلة فخرجت أطلبه فإذا هو بالبقيع رافعا رأسه الى السماء فقال يا عائشة أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قلت ما بي من ذلك ولكني ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم بنى كلب. - أخرجه الترمذي وابن أبي شيبة والبيهقي وابن ماجه- قالوا وبينها وبين ليلة القدر أربعون أو واحد وأربعون يوما ما عداهما، ويقول ابن عباس رضي الله عنهما إن الله تعالى يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان ويسلمها إلى أربابها في ليلة القدر. وهذه الأحاديث والأقوال على فرض صحتها غاية ما فيها عدّ ليلة النصف من شعبان مباركة، وهو كذلك لأنها لا تزال معظمة يقومها الناس ويصومها البعض ويتصدقون فيها، إلا أنها ليس فيها ما يدل على أن القرآن أنزل فيها، ولا يوجد ما يقابل النصوص الظاهرة الصريحة المارة المثبتة بأن المراد في هذه الليلة الواردة في هذه السورة هي ليلة القدر وما ورد لا ينافي أفضلية ليلة البراءة المشار إليها بما تقدم وبما أخرجه ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى