السماء الدنيا فيقول: ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلي فأعافيه، ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر. وبما أخرجه أحمد ابن حنبل في المسند عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: يطلع الله تعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا اثنين مشاحن وقاتل نفس، وفي رواية وقاطع رحم. إلى غير ذلك من الأحاديث التي تؤيد أفضليتها على غيرها عدا ليلة القدر، ولا أعلم كيف صرفوا هذه الليلة إلى ليلة النصف من شعبان مع صراحة القرآن بأنها ليلة القدر، والقرآن يفسر بعضه بعضا ولا يوجد حديث صحيح يصرفها بل ولا غير صحيح، وأما أقوال المفسرين فمجرد اجتهاد منهم وقد أخذ بعضهم عن الآخر دون استناد لقرآن أو سنة، ولم يذكر في هذه الأحاديث أنها ليلة النصف من شعبان، وهنا يظهر لك قول المغالين بأنها ليلة البراءة أنه غير مستند على نص صريح من الكتاب والسنة أنها هي، أما فضلها فلم يختلف فيه اثنان. واعلم أن ما ورد في فضل بعض الليالي والأيام والأوقات وما قيل إن لله خواصّ في الأزمنة والأمكنة والأشخاص هو بالنسبة لما يقع فيها من الأعمال والأفعال والأقوال، وإلا فالأيام والساعات والمواقع متساوية من حيث هي، وعلى هذا فإن أفضل السنين السنة التي ولد فيها محمد صلّى الله عليه وسلم وهي عام الفيل التي حمى الله بها بيته، وأهلك من قصد نخريبه أبرهة ومن معه، وأفضل الشهور شهر رمضان لذكره تعالى باسمه في القرآن العظيم ولإنزال القرآن فيه ولتشريف سيدنا محمد بالرسالة فيه أيضا، ثم ربيع الأول لوقوع ولادته الشريفة فيه، ثم رجب لانه مفرد الأشهر الحرام المذكورة صراحة في القرآن الكريم ولوقوع الإسراء فيه وتحريم القتال فيه، ثم شعبان لوقوعه بين رجب ورمضان ولكون ليلة البراءة فيه المحترمة لسنية صيامها وقيامها، وقد ورد بارك الله في خميسها وسبتها لوقوعهما في جوار الجمعة، ثم ذو الحجة لوقوع الحج فيه ولكون الأيام المعدودات والمعلومات المنوه بهما في القرآن العظيم فيه ومنها يوم عرفه ويوم التروية ويوم النحر وأيام التشريق، وقد وردت أحاديث كثيرة في فضلها، ثم شوال لوقوعه بين رمضان وذي القعدة
الحرام ولكون عيد الفطر فيه واستحباب صيام الأيام الستة منه، ثم ذو القعدة لمجاورته ذا الحجة، ولهذا