فإن الدار إذا كانت بين جيران صالحين تفضل على غيرها وتعتز بجوارها حتى قيل بجيرانها تغلو الديار وترخص. ثم المحرم شهر الأنبياء ورأس السنة وآخر الأشهر الحرام وفيه يوم عاشوراء وفيه أجاب الله تعالى دعوة أنبيائه وأهلك أعداءه.
وأفضل الأيام يوم الجمعة لما فيه من اجتماع الناس لسماع الذكر، ولأنها بمثابة العيد وجاء أنها حج المساكين وفيها ساعة الإجابة، راجع الآية ٤ من سورة القدر في ج ١.
هذا في الأزمنة، أما الأمكنة فأفضل بقعة في الأرض بل وفي السماء البقعة التي ضمت جثمان سيد الكائنات عليه أفضل الصلاة والسلام، وقد أجمع على هذا السلف والخلف ولما دفن فيها رثته ريحانته فاطمة رضي الله عنها فقالت:
ماذا على من شمّ تربة أحمد ... أن لا يشمّ مدى الدهور غواليا
صبّت علي مصائب لو أنها ... صبّت على الأيام صرن لياليا
وقال الأعرابي حينما زار تلك الروضة المطهرة:
يا خير من دفنت في الترب أعظمه ... وطاب من طيبهن القاع والأكم
ولم يسبقه سابق ولا يلحقه لاحق بمثل هذا، ثم المسجد الحرام المشتمل على الكعبة المعظمة، وقد جاء أن الصلاة فيه تعدل مئة ألف صلاة بغيره، ثم مسجده صلّى الله عليه وسلم لاحتوائه على الروضة المقدسة، وورد أن الصلاة فيه تعدل ألفا بغيره، ثم المسجد الأقصى لاحتوائه على الصخرة الشريفة والحرم المقدس مهبط الأنبياء ومجمع أضرحتهم الطاهرة، وجاء أن الصلاة فيه تعدل خمسمائة صلاة بغيره، مما يدل على أفضلية هذه المواقع الكريمة، ثم مدافن الأنبياء والأولياء العارفين والعلماء الكاملين لقربهم من الله تعالى والجوامع والمساجد والمحال التي يقام ذكر الله بها ويتلى فيها كتابه وأحاديث نبيه. أما الأشخاص فأفضل من عليها الرسل الفخام والأنبياء العظام، ثم الأمثل فالأمثل من الأولياء العارفين والعلماء العاملين والشهداء والشجعان المقاتلين