للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والى حل شرب النبيذ إلى ما دون الإسكار، وذهب إبراهيم النخعي وأبو جعفر والطحاوي وسفيان الثوري، وأجازه أبو حنيفة وصاحبه أبو يوسف إذا لم يسكر، أما الخمرة فقليلها وكثيرها حرام، أسكرت أو لم تسكر. قال تعالى «وَرِزْقاً حَسَناً» كالتمر والزبيب والعنب والدبس والأشربة المتخذة منهما التي تشرب آنيّا والخل أيضا.

[مطلب في السكر ما هو وما يخرج من النحل من العسل وأقسام الوحي:]

هذا وفي وصفه تعالى الرزق الحاصل منهما بالحسن يفيد أن السكر غير حسن، وأن التمييز بين السكر وبين الرزق الحسن في الذكر، عدّه، أي السكر غير حسن، وذلك يدل على التحريم الذي سينزله بعد في القسم المدني، ولهذا عرض على قبح تناوله لعدم وصفه بالحسن ورمز إلى أن السكر وإن كان مباحا إذ ذاك فهو مما يحسن اجتنابه، وهذه أول آية نزلت في الخمر على القول بأن المراد بالسكر الخمر، ولهذا فلا وجه للقول بأن هذه الآية منسوخة، لأنها ذكرت في معرض تعداد نعم الله على عباده، وكان نزولها بزمن مباح فيه شربها، لأن التحريم طرأ بصورة تدريجية، فضلا عن أن السكر يحتمل معاني كثيرة كما مر آنفا، والنسخ يقتضي أن يكون صريحا لشيء صريح لا يحتمل التأويل والتفسير، بخلاف ما هنا، وقد ألمعنا في المقدمة بأن هذه الآية أول آية أنزلت في الخمر مطلقا، ولم ينزل غيرها في مكة، وان الآيات الثلاث في البقرة والنساء والمائدة نزلن في المدينة، وسنوضح هذا البحث في الآيات ٢٢٠ و ٤٣ و ٩٤ من السور المذكورة على طريق اللف والنشر المرتب فراجعها «إِنَّ فِي ذلِكَ» المذكور من النعم «لَآيَةً» باهرة «لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» ٦٧ أن لهذه الأشياء خالقا مدبرا ومبدعا حكيما. قال تعالى «وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ» ٦٨ من شجر الكرم ويسقفونه ويبنون من غيره بيوتا للنحل لتقذف فيها العسل رزقا للخلق «ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ» ومن أوراقها وأشجارها وتطلق الثمرة على الشجرة «فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ» الذي ألهمك أن تسلكها وتدخلي فيها لإخراج العسل «ذُلُلًا» مسخرة منقادة لأربابها عند إرادتهم نقلها من

<<  <  ج: ص:  >  >>