والدعاء من وظائفه الخاصة. وأضافه ثانيا له ولأصحابه لأنه في معرض طلب العون والغوث والرحمة، وهي من الوظائف العامة به وبهم، وقرىء (يصفون) بالياء أيضا، وفي ذكر صفوة الخلق وما يتعلق به بختام هذه السورة بهذه الجملة التي لا توجد سورة مختومة بها طيب تضوع منه المسك، كما أن ما بدئت به من أحوال القيامة هول تنفطر له الأجساد، وما بينهما آيات وعظات عظيمة وعبر وأخبار فخيمة ما وراءها وراء. أخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن عامر بن ربيعة أنه نزل به رجل من العرب، فأكرم عامر مثواه، وكلم فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم فجاءه الرجل فقال إني استقطعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم واديا ما في العرب واد أفضل منه، وقد أردت أن أقطع لك منه قطعة تكون لك ولعقبك من بعدك، فقال عامر لا حاجة لي في قطعتك، نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا: اقترب للناس حسابهم إلخ. هذا، والله أعلم، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
تفسير سورة المؤمنين عدد ٢٤- ٧٤ و ٢٣
نزلت بمكة بعد سورة الأنبياء، وهي مئة وثماني عشرة آية، وثمنمئة وأربعون كلمة، وأربعة آلاف وثمنمئة حرف وحرفان، لا يوجد في القرآن سورة مبدوءة بما بدئت به، ولا مختومة بما ختمت به من الجمل، ولا مثلها في عدد الآي.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى:«قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ» ١ فازوا وظفروا بمطلوبهم وخلصوا ونجوا مما يرهبون، وهؤلاء المفلحون هم «الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ» ٢ لله خاضعون لهيبته خائفون منه متذللون إليه طلبا لقبولها منهم.
مطلب الخشوع في الصلاة والمحافظة عليها والزكاة ولزوم أدائها والأمانة والعهد والحكم الشرعي فيهما:
روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة، فقال اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.