قال تعالى:«يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ١» بفراشه الملتف به كان صلى الله عليه وسلم في بدء نبوته يقول عند انفصام الوحي عنه زمّلوني أي لفوني فرقا من شدة الوحي وعظم رؤية ملكه، فخاطبه الله تعالى بالحالة التي هو فيها إذ كان يتزمّل في ثيابه، ويوجد في القرآن عشر سور مبدوءة بلفظ يا أيها هذه والنساء والمائدة والحج والأحزاب والحجرات والممتحنة والمدثر والطلاق والتحريم.
هذا وبعد أن ناداه ربه أمر بقوله «قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ٢» منه وهذا الأمر للوجوب راجع ما فيه في الخاتمة المارة، ثم بين هذا القليل المستثنى من الكل بقوله «نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ٣» أي السدس بأن تقوم الثلث «أَوْ زِدْ عَلَيْهِ» سدسا بأن يبلغ النصف إلى الثلثين فكان صلى الله عليه وسلم يقوم من كل ليل تلك المقادير امتثالا للآمر وأصحابه يقومون معه تهجدا نفلا لأنه لم يفرض عليهم.
مطلب ما يجب على القارئ عند التلاوة:
وكان القيام في بداية الإسلام فريضة عليه، سنة على الأصحاب «وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ» يا حبيبي عند قراءته «تَرْتِيلًا ٤» تبيينا فصيحا على تؤدة وتأن وتفكر يثير حضور القلب بمعانيه ولذيذ النّفس بمبانيه واشتغل بعبادتي تحظ بعبوديتي. يفيد هذا الأمر وجوب الاعتناء بقراءة القرآن يعضده قوله صلى الله عليه وسلم (أعربوا القرآن واعرفوا غرائبه) إذ بالعجلة تفوت الغرض المطلوب منه فعلى القارئ أن يستشعر بعظمة القرآن وهيبة منزله عند ذكره والرجاء عند ذكر الوعد والخوف عند الوعيد والعبرة عند القصص والذكرى عند الأمثال ليستنير قلبه بنور كلام الله ويوقر في صدره مغزى معناه ومبناه وليخذن من الاسراع المخل والتطويل الممل ففيهما الحرمة والاساءة. روى البخاري ومسلم عن قتادة قال: سئل كيف كانت قراءة رسول الله فقال كانت مدا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم ويمد الرحمن ويمد الرحيم، وروى البخاري ومسلم عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: جاء رجل إلى ابن مسعود وقال إني