للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيتموه تكهّن قط؟ قالوا: اللهم لا، قال تزعمون أنه شاعر فهل رأيتموه ينطق بالشعر قط؟ قالوا اللهم لا، قال تزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه شيئا من الكذب قط؟ قالوا: اللهم لا، وكان يسمى الأمين قبل النبوة لصدقه، فقالت قريش للوليد:

فما هو إذن؟ فتفكر في نفسه ثم قال: ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه فهو ساحر، وما يقوله ما هو إلا سحر يؤثر، فذلك قوله عز وجل «فَكَّرَ وَقَدَّرَ» وهذا مما يدل أيضا على أن هذه السورة لم تنزل دفعة واحدة، فإن الآيات من ذرني إلى آخرها متأخرة في النزول عنها، لأن سورة حم هذه لم تنزل بعد والحواميم كلها نزلت متتابعة كما سيأتي في الجزء الثاني.

وعلى القول بأنها نزلت معها تكون من قبيل الإخبار بالغيب، وسنزيد هذا البحث بحثا عند تفسيرها إن شاء الله القائل «فَقُتِلَ» وعذّب وأهين «كَيْفَ قَدَّرَ ١٩» وهذا الاستفهام على طريق التعجب والإنكار والتوبيخ «ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ٢٠» كرره تأكيدا اشعارا بأن هذا دعاء عليه أبلغ من الأول

«ثُمَّ نَظَرَ ٢١» في وجوه الناس يبين لهم ما يدفع به القرآن ويردّه «ثُمَّ عَبَسَ» كلح وجهه واغبر «وَبَسَرَ ٢٢» تقطب وجهه واكفهر وزاد في التقبض، وأظهر العبوس قبل أو انه ومنه قيل لما لم ينضج من الثمر بسر. ويأتي بمعنى العبوس مطلقا، وعليه قول ثوبة:

لقد رابني منها صدود رأيته ... وإعراضها عن حاجتي وبسورها

قال تعالى: «ثُمَّ أَدْبَرَ» ولى بظهره عن الحق «وَاسْتَكْبَرَ ٢٣» عن الإيمان به واختلق ما افتراه «فَقالَ إِنْ» ما «هذا» الذي يتكلم به محمد «إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ٢٤» يروى عن السحرة إن «هذا» الذي يقوله محمد «إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ ٢٥» يتلقاه عنهم ويحكيه لنا ما هو قول الله كما يزعم، قال تعالى: فدعه يا محمد وما يقول «سَأُصْلِيهِ» أحرقه وأدخله «سَقَرَ ٢٦» علم لجهنم لا ينصرف لعلتي التعريف والتأنيث «وَما أَدْراكَ» يا حبيبي «ما سَقَرُ ٢٧» صدر الجملة بالاستفهام على سبيل التهويل والتعظيم، أي ما أعلمك ماهي هي «لا تُبْقِي» لحما «وَلا تَذَرُ ٢٨» عظما فلا يلقى فيها شيء إلا أحرقته وأذابته «لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ٢٩» مغيرة جلودهم

<<  <  ج: ص:  >  >>