أولى وأنسب بالمقام، وأليق للسياق، وأحسن بالسباق، ولأن العادة المطّردة أن الأولياء هم الذين يأكلون صداق بناتهم الأزواج، تدبر. ثم خاطب أولياء اليتامى أيضا بقوله عز قوله.
[مطلب في الوصايا وأموال الأيتام وحفظها وتنميتها ورخصة الأكل منها للمحتاج:]
«وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ» وهذا عام في أموال اليتامى وغيرهم وإن السياق يعرفه إليهم، لأن العبرة لعموم اللفظ، أي لا تعطوا أموالكم مداينة أو تجارة أو أمانة أو شركة أو بأي وجه كان سواء كان المال لكم خاصة أو للأيتام الكائن تحت حفظكم وتنميتكم إلى السفهاء الذين لا يؤمل منهم الأداء ولا حسن التدبير فيها لعدم قدرتهم على إصلاحها بأنفسهم، والصغير وغير المجرب والمبذر وضعيف العقل والملكات كلهم في حكم السفيه، فلا يجوز إعطاء المال لهم بالوجوه الأربعة المذكورة آنفا أو غيرها لمظنة التفريط فيه وإتلافه وأكله، وإنما يدخل في هذه مال اليتيم بالإضافة لوليه لأنه تحت يده وبتصرف فيه بحق الولاية عليه، فكما أنه لا يجوز أن يسلم ماله للسفيه لا يجوز أن يسلم مال يتيمه إليه بل من باب أولى أن يحافظ عليه أكثر من ماله لأنه من قبيل الأمانة، وكونه لليتيم، وقد علمت ما ذكر الله عن الأمانة في سورة الأحزاب، وما سيأتي في الآية ١٠ بحق أموال اليتامى، ولهذا لا يجوز تسليم مال اليتيم لليتيم إلا إذا تحقق لديه رشده وقدرته على تنميته والمحافظة عليه والانتفاع به بالمعروف، لأن لفظ السفيه يدخل في عمومه اليتيم وغيره، وسواء كان كبيرا أو صغيرا لأن حكمه حكم المجنون والمعتوه والرقيق والمديون المستغرق والمكاري المفلس، فهؤلاء كلهم ومن كان على شاكلتهم لا يجوز إعطاؤهم المال، لأنه لا يؤمل استيفاؤه منهم ولا الإصلاح فيما يأخذونه، ولهذا نهى الشارع عن معاملة هؤلاء الأصناف، لأن المال كما يجب حفظه يجب صرفه في مصارفه، ومن هنا منعت المادة ١٥٧ فما بعدها من المجلة الجليلة معاملة هؤلاء، ثم بين جل بيانه قيمة الأموال بقوله «الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً» فيها لأبدانكم ومعاشكم ومكانتكم أنتم ومن تمونونه، لأنه قوام الناس وملاك أمرهم. ومما يدل