واكتفاء، إلا أن الأول أولى لموافقته لظاهر الآية، وللسبب المذكور آنفا المؤيد بقوله تعالى «لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ.
[مطلب السنين الشمسية والقمرية وما يتعلق بهما:]
والمراد بالسنين هنا القمرية التي هي ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما، وثماني ساعات، وثمان وأربعون دقيقة، راجع الآية ٣٢ من الأعراف في ج ١، على أنه لا مانع من أن تشمل جملة آية السنين والحساب السنة الشمسية أيضا التي هي ثلاثمائة وخمس وستون يوما، وخمس ساعات وتسع وأربعون دقيقة أيضا، والفرق بينهما عشرة أيام وإحدى عشرة ساعة ودقيقة واحدة بمقتضى الرصد الأليخاني، وكل من السنتين تكون بسيطة وكبيسة ولهذا يكون شهر شباط في كل أربع سنين تسعا وعشرين يوما إذ ينضم إليه فروق ثلاث سنين لانتظام الحساب الجاري، والأشهر العربية تكون ثلاثين، وتسعا وعشرين يوما للسبب نفسه، فتكون السنة القمرية بانقضاء اثنى عشر شهرا قمريا، والشمسية عند وصول الشمس إلى النقطة التي فارقتها من البروج الاثني عشر التي ذكرناها أول سورة البروج المارة في ج ١، وسيأتي لهذا البحث صلة في الآية ١٦ من سورة الحجر الآتية إن شاء الله «ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ» الضياء في الشمس والنور في القمر وجعل منهما معرفة السنين والحساب، وما أظهر ما أظهر منها وأوجد ما أوجد في عالمي للغيب والشهادة من مظاهر أسمائه وصفاته «إِلَّا بِالْحَقِّ» الموافق للحكمة البالغة، إظهارا لقدرته وبرهانا لوحدانيته وجعلها دلائل على عظمته، فلم يخلق ذلك باطلا ولا عبثا بل هي حق لا مرية فيه كسائر مخلوقات ذلك الخالق الجليل الذي «يُفَصِّلُ الْآياتِ» تفصيلا وافيا ويكررها تكريرا شافيا «لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ٥» الحكمة التكوينية لهذا الكون العظيم المهمول فيستدلون على شئون مبدعها ويستنبطون منها البراهين على باهر قدرته ووحدانيته «إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ» من كون أحدهما مضيئا والآخر مظلما، وكون كل منهما يخلف صاحبه فيجيء وراءه متصلا به دون فاصلة ما، وأخذ أحدهما من الآخر بصورة تدريجية ساعات ودقائق، ثم يتلوه صاحبه فيرجع إليه