عظيما لا يوصف بهاؤه «وَمُلْكاً كَبِيراً»(٢٠) لا يقدر قدره وإن أهل هذه الجنان
«عالِيَهُمْ» لباسهم الفوقي كالعباءة والملحفة والجبة وهو مبتدأ خبره «ثِيابُ سُندُسٍ» هو ما، رقّ من الحرير «خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ» هو أثخنه «وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ» وقد مر في سورة فاطر يحلون فيها من أساور من ذهب الآية ٢٣ في ج ٢ وفي آية الحج الآتية في ذهب ولؤلؤ الآية ٢٣، وعليه يكون المعنى أن كلا من أهل الجنّة يلبس اسورة من فضة وذهب ولؤلؤ، ومن هنا تعلم أن أهل الدّنيا لما صاروا يوسون اللّؤلؤ بالذهب ويتحلون به أخذوه من كتاب الله «وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً»(٢١) لم تلمسه يد ولم تدنسه رجل، لأنه صنع الله بكلمة كن «إِنَّ هذا» المذكور كله وأضعافه «كانَ لَكُمْ» أيها المؤمنون «جَزاءً» لأعمالكم الصّالحة «وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً»(٢٢) عند ربكم محمودا مرضيا، لأن أعمالكم في الدّنيا كانت مرضية عنده، ولأنكم قلتم للفقراء لا نريد منكم جزاء ولا شكورا، لمثل هذا فليعمل العاملون أيها النّاس، وبه فليتنافس المتنافسون.
نعمت جزاء المؤمنين الجنه ... دار الأمالي والمنى والمنه
من الزرابي فرشها أي صاح ... ترى بها الحرام كالمباح
وهذه الآيات عامة في كلّ مؤمن يعمل مثل هذا العمل، وإن سبب نزولها على ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عليا كرم الله وجهه كان عمل ليهودي بشعير، فأصلحوا هو وزوجته فاطمة رضي الله عنهما وخادمته فضة قسما منه ليأكلوه، فجاءهم مسكين فأعطوه إياه، ثم أصلحوا القسم الآخر فجاءهم يتيم فأعطوه إياه، ثم أصلحوا باقيه وعند ما تم نضجه أتاهم أسير فدفعوه له، وباتوا طاوين شاكرين الله على ذلك، لأنهم تصدقوا بما عندهم مع احتياجهم إليه، وهذا معنى قوله تعالى (عَلى حُبِّهِ) إذا صح لا يخصصها فيه عليه السّلام دون غيره بل يشمل عمومها كل من عمل عمله لعموم اللّفظ، ويدخل فيها هو دخولا أوليا، كيف وهو من بيت الكرم، لأن أول من سن القرى جده ابراهيم عليه السّلام وأول من هشم الثريد جده هاشم، وأول من أفطر جيرانه على مائدته في الإسلام عمه عبد الله