للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورسولنا وعبدنا لا إله ولا جزء من الإله ولا شريك معه، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا. أقول لكم هذا أيها الناس «قَوْلَ الْحَقِّ» على قراءة النصب وهي الواردة في القرآن، وعلى قراءة الرفع يكون المعنى ان هذا الذي قلته في عيسى عبدي هو قول الحق الصدق «الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ» ٣٤ يشكون ويختلفون فيقولون الأقاويل الكاذبة فيه وهو عبد الله ورسوله ولد من مريم بلا أب على الوجه المار ذكره والصفة المبينة، لا مرية فيه أبدا، وعليه فإن ما تقوله اليهود بأنه ساحر وما يرمونه به كذب محض، وما تقوله النصارى من أنه ابن الله افتراء بحت، وما يقوله الغير من وصم أمه الطاهرة الزّكية بهت ظاهر، وقد بين الله كذبهم كلهم بما تقدّم من الآيات وما سيأتي في الآيات المبينة آنفا وغيرها، وحققه بقوله جل قوله «ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ» البتة لعدم الحاجة إليه وقد نزه نفسه عنه بسورة الإخلاص المارة وفي الآية الأخيرة من سورة الإسراء الآتية وغيرها «سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً» كهذا وغيره مهما كبر وعظم عند خلقه إذ لا يعظم عنده شيء «فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» ٣٥ حالا لا محالة وهاتان الآيتان من ذلك إلى هنا من كلام الرب عز وجل جاءتا اعتراضا بين قوله على لسان عيسى قبلها وبين قوله:

«وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ» وحده لا تشركوا به شيئا.

[مطلب وصية عيسى عليه السلام وما يقوله فيه قومه:]

وفي قوله هذا وقول ربه المار ذكره ردّ صريح على من قال إنه إله أو ابن الإله «هذا» الذي أخبرتكم به أيها الناس من براءة أمي وتبرؤ مما سيقال في، وإني عبد الله ورسوله وإن الله ربي وربكم ورب العالم أجمع لا شريك له ولا وزير ولا صاحبة ولا ولد «صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ» ٣٦ فاسلكوه وتمسكوا به لئلا تضلوا فتهلكوا لأنه الطريق السوي الموصل إلى الخير في الدنيا والآخرة، فمن قال بعد هذا إن عيسى ابن الله أو إله أو ثالث ثلاثة أو شريك مع الإله أو إن أمه لم تحمل به على الصورة المذكورة، فقد افترى على الله وعلى رسوله عيسى وعلى أمه مريم

<<  <  ج: ص:  >  >>