الأنبياء الآتية «وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ» ١٠ نزلت هذه الآية في النضر بن الحارث لأنه كان يشتري من أحاديث العجم ويتلوه على الناس ليشغلهم عن سماع القرآن ويحبذ لهم سماعها، والاستهزاء بالقرآن، قاتله الله الذي وهي عامة في كل من هذا شأنه ونزولها فيه لا يقيدها.
قال تعالى «هذا» الكتاب المنزل عليك يا سيد الرسل «هُدىً» لمن عقله يهتدي به ورشد لمن استرشد به «وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ» هو عليهم عمى وضلالة «لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ» هو أشد العذاب في الآخرة كما أن الموت أشد عذاب الدنيا ولذلك يطلق عليه لفظ الرجز «أَلِيمٌ» ١١ نعت للزجر على قراءة الجر، وللعذاب على قراءة الرفع، ثم عدد أفضاله على عبده بقوله عز قوله «اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ» التي تركبونها وتحملون أثقالكم عليها «فِيهِ» في البحر «بِأَمْرِهِ» جل أمره لأنها تجري بالرياح، وهي لا تهب إلا بأمر الله والتي تجري بالمحركات كذلك بأمره، إذ لو شاء لما تحركت والتي بقوة البشر أيضا بأمره إذ لو أراد لأعجزهم «وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ» من ربح التجارة وزيارة البلدان والاجتماع بالإخوان واستخراج اللآلئ «وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» ١٢ نعمه عند سيرها وبلوغكم مقاصدكم إذا كنتم لا تشكرونه دائما «وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ» من الكواكب وغيرها «وَما فِي الْأَرْضِ» من حيوان ونبات ومعادن لتنتفعوا بها «جَمِيعاً مِنْهُ» وحده وأنى لغيره شيء من ذلك لعجزه عن جزء بعض ما هنالك «إِنَّ فِي ذلِكَ» التسخير من حيث لا حول لكم ولا قوة عليه «لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» ١٣ في آلائه ومكوناته فيتعظون ويعتبرون، وهذه الآية المدنية قال تعالى يا أكرم الرسل «قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ» ولا يتوقعون وقائعه بأعدائه ولا يخافون انتقامه مع استحقاقهم إياه فالرجاء مجاز عن التوقع كما أن الأيام مجاز عن الحوادث واستعمالها شائع في ذلك «لِيَجْزِيَ قَوْماً» أي المؤمنين وتنوينه للتعظيم ولفظ قوم يدل على المدح «بِما كانُوا يَكْسِبُونَ» ١٤ من العمل الصالح الذي من جملته العفو والصفح عمن يعتدي عليهم. وسبب نزول هذه الآية على ما حكاه ابن عباس هو أن النبي صلّى الله عليه وسلم نزل بأصحابه في غزوة بني المصطلق على بئر المريسيع،