غلو الشرك. وهذه الآية التي عجب فيها الوليد فذكرها إلى قومه كما أشرنا إليه في الآية ٢٨ من سورة المدثر في ج ١ فراجعها. واعلم يا سيد الرسل أن من لم يؤمن بما نتلوه عليه من هذه الآيات المدللات له «وَيْلٌ» وهلاك كبيرِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ٧ يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ»
فلا يلتفت إليها ولا يعتبر بها «ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً» يأنف عنها ويتجبر «كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها» لشدة عتوه وعناده، وثم هنا للاستبعاد وعليه قول جعفر بن عليه:
لا يكشف النعماء إلا ابن حرة ... يرى غمرات الموت ثم يزورها
«فَبَشِّرْهُ» يا سيد الرسل «بِعَذابٍ أَلِيمٍ» ٨ توبيخا له وهذه البشارة على طريق التهكم والسخرية، لأن البشارة تكون في الأمر السّار، فإذا اقترنت بضدّه كان معناها الإنذار وأريد بها التقريع، قال تعالى «وَإِذا عَلِمَ» بالتخفيف والبناء للفاعل، وقرأه بعضهم بالتشديد والبناء للمفعول، أي إذا تيقن هذا المستكبر «مِنْ آياتِنا شَيْئاً» بسماعها منك «اتَّخَذَها هُزُواً» وصار يسخر بها ويقرؤها على أضرابه ليضحكوا منها، لأنهم لا يفقهون معناها بسبب كثافة صدأ قلوبهم، وقد صدهم الله عنه لخبث طوبتهم وسوء نيتهم «أُولئِكَ» الذين هذه صفتهم «لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ» ٩ ثم بين نوع إهانته بقوله عزّ قوله «مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ» ومن أمامهم أيضا لأن الوراء الجهة التي يواريها الشخص من خلف أو قدام، ومن كانت جهنم وراءه فهي قدامه حتما لأنه إذا زج فيها صارت وراءه، لأنها كانت أمامه «وَلا يُغْنِي» يدفع ويمنع «عَنْهُمْ ما كَسَبُوا» شيئا في الدنيا من العمل لقبحه ولا من إخوانهم لأنهم أشرار مثلهم، ولا من المال لأنه من حرام، فلم يجمعه من حل، ولم ينفقه في سبيل الله، ولا من الأهل لأنهم كفرة، وعلى فرض إيمانهم فلا صلة بين المؤمن والكافر ولا تراحم البتة، وإذا كان لهم عمل طيب فقد كوفئوا به في الدنيا «وَلا» يغني عنهم أيضا «مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ» لأنها إن كانت أصناما فلا تضر ولا تنفع، وإن كانت الملائكة وعزير والمسيح فإنهم يتبرءون منهم، وهم لا يشفعون إلا لمن أذن الله بالشفاعة له ورضيها كما مرّ غير مرة، ولبحثها صلة في الآية ٢٨ من سورة