«يس» ١ وجاء في الخبر أن الله سماني أحمدا ومحمدا وطه ويس. وقال ابن عباس معناه بلغة الحبشة وفي رواية عنه بلغة طي (يا إنسان) وقال غيره الياء للنداء والسين قائمة مقام إنسان انتزع منه حرف فأقيم مقامه، ونظيره ما جاء في الحديث:
كفى بالسيف شا ... أي شاهدا. وقال آخر هو اسم من أسمائه عليه السلام، مستدلا بقول السيد الحميري:
يا نفس لا تمحضي بالود جاهدة ... على المودة إلا آل ياسين
وقيل هو مقطع حروف سميع منان قدير وشبهها من أسماء الله تعالى، وقد قال العلماء إن لله عزّ شأنه أن يطلق على ذاته المقدسة وعظماء خلقه ما أراد من الأسماء.
وتحمل حينئذ على التعظيم سواء كانت حروفا أو حرفا، مصغرة أو مكبرة، قال ابن الفارض رحمة الله:
ما قلت حبيبي من التحقير ... بل يعذب اسم الشيء بالتصغير
والكلام فيه من حيث الإعراب والبناء كالكلام في أوائل السور المتقدمة والحروف المتقطعة، وجاء في تتمة الخبر السابق والمزمل والمدثر وعبد الله، وقد ذكرت في القرآن هذه الأسماء كلها كما في هذه السور والسور المتقدمة وسورة الصف، الآية ٧ في ج ٣، وطه ومريم الآتيتين، وعبد الله في سورة الجن المارّة، ثم أقسم جل قسمه فقال «وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ» ٢ في معانيه ومبانيه، العظيم في مقاصده ومراميه وهو مبالغة حاكم، وجواب القسم قوله عز قوله «إِنَّكَ» يا سيد الرسل المخاطب هنا بلفظ يس الذي هو من جملة أسمائك الكريمة التي سمينك بها في هذا القرآن «لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ» ٣ إلى الخلق كافة حقا، يدل عليه التأكيد بكاف الخطاب وإن واللام، وذلك لأن هذه الآية نزلت ردا على الكفرة القائلين لست مرسلا، وكفى بالله شهيدا على رسالته العامة السائدة «عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» ٤ عدل سوي لا اعوجاج فيه ولا ميل، وأن هذا القرآن الذي أنزلناه عليك «تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ» الغالب على خلقه القوي في ملكه «الرَّحِيمِ» ٥ بعباده الرؤوف بهم