عنها فيقع في الشر والمعصية فيهلك في تلك النار هذا ولا دلالة في هذه الآية لقول من قال إن العبد مجبر على الفعل ومتمكن من فعل نفسه لأن مشيئته تابعة لمشيئة الله وانها على حد قوله تعالى (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) الآية ٢٩ من الكهف في ج ٢ أي بعد أن بينا لكم أيها البشر طريقي الخير والشر وأمرناكم باتباع الخير والانكفاف عن الشر وهذا على حد قوله تعالى (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) الآية ٤٠ من سورة فصّلت في ج ٢ أي افعلوا ما شئتم فكل مجاز بعمله إن خيرا فخير وان شرا فشر قال «كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ» من الأعمال «رَهِينَةٌ ٣٨» عند ربها غير مفكوك عنها لأنها مأخوذة بعملها ورهينة اسم فعل بمعنى الرهن كالشتيمة بمعنى الشتم وليست بتأنيث رهين لأن فعيلا بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث مثل قتيل وجريح لتكون بمعني اسم الفاعل والمفعول بل هي واحد الرهائن، ثم استثنى الله تعالى من هذا العموم فقال «إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ ٣٩» الذين يعطون كتبهم بأيمانهم وهم المؤمنون المخلصون لأنهم فكوا رقابهم بالطاعة كما يفك الراهن رهنه بأداء ما عليه من الحق، وقد روي عن علي كرم الله وجهه انهم أطفال المؤمنين لأنهم لم يكتسبوا إثما يرتهنون فيه. وقال ابن عباس هم الملائكة. وقيل هم الذين كانوا على يمين آدم يوم أخذ الميثاق وحين قال تعالى هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي لأن
اللفظ عام لا يوجد ما يخصصه وهؤلاء الميامين المباركون «فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ ٤٠» فيما بينهم
«عَنِ الْمُجْرِمِينَ ٤١» فيقولون لهم على سبيل التوبيخ والتقريع «ما سَلَكَكُمْ» أدخلكم وأوصلكم ونفحكم فحبسكم «فِي سَقَرَ ٤٢ قالُوا» لهم زججنا فيها لأنا «لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ٤٣» في الدنيا ولم نعتد فرضيتها «وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ٤٤» في الدنيا بما تفضل الله به علينا ولم نتصدق عليه كما فعل المؤمنون الذين يؤثرون على أنفسهم ولم نكن معدمين لنعذر «و» مع هذا كله فإنا «كُنَّا نَخُوضُ» بالباطل وقول الزور في آيات الله «مَعَ الْخائِضِينَ ٤٥» في البهتان والافتراء والاختلاف «وَكُنَّا نُكَذِّبُ» ننكر أيضا ولا نصدق «بِيَوْمِ الدِّينِ ٤٦» يوم الجزاء والحساب وبقينا متمادين في ذلك كله «حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ ٤٧» الموت