فلو كان يوجد شيء من ذلك، لدونه وأثبته فيه حين نسخه ولم يعط مجالا لذلك البتة، وعليه فلا يجوز أن يبقى في ذهن مؤمن سقوط شيء من القرآن، وكل ما نقل أو ورد من الأخبار والآثار والأحاديث بأن شيئا من القرآن لم يدون في المصحف لا صحة له ولا حجة به لقائله ولا برهان له عليه سواء كانت أخبار آحاد أو جماعات، لأنها كلها مكذوبة ومختلقة ومتناقلة إفكا فلا يتمسك بها إلا زنديق مارق مفارق للجماعة، منكر لصراحة القرآن الذي صرح بحفظه من كل شيء منزله بقوله جل قوله (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) الآية ٤٢ من سورة فصلت في ج ٢، راجع تفسيرها والآية السابقة من سورة الحجر تجد ما يتعلق في هذا مفصلا، واعلم بأن الذي يحفظه الله لا يقدر أن يضيعه البشر، وعليه فإن القرآن الموجود الآن بين الدفتين هو تمام كلام الله الذي أنزله على محمد صلّى الله عليه وسلم، لم يبدل ولم يغير، ولم ينقص منه أو يزد فيه حرف واحد البتة، بإجماع صحابة رسول الله، ولم يشذ عن هذا الإجماع إلا منافق كافر لا حظ له في الإسلام، والموفق من طهر قلبه من ذلك.
[المطلب العاشر الناسخ والمنسوخ والقراءات ومعنى انزل القرآن على سبعة أحرف]
اعلم حماك الله وبصرك بطرق رضاه ان بحث النسخ لم يقع له صدى بين الأصحاب الذين كانوا زمن نزول القرآن والذين من بعدهم من الذين لم يبلغوا الحلم زمنه، ولو كان لتردد صداه، ولا اختلف فيه المسلمون بعد النبي صلّى الله عليه وسلم، وان شيئا من ذلك لم يقع، مما يدل على أن القرآن الذي تركه لنا المنزل عليه، هو الذي أمره ربه بتبليغه لنا بلا زيادة ولا نقص، وما قيل بأن شيئا من ذلك كان في حياة الرسول لا نصيب له من الصحة، لأن الأصحاب لم يختلفوا بعده بشيء من أسس الدين، ولم يتمسكوا بناسخ أو منسوخ ولم يقل أحد منهم بذلك، وعلى هذا فاعلم أن النسخ: