فقال جل قوله «وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ» سواء كن زوجات أو غيرهن على الإطلاق «فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ» أيها المؤمنون كلهم رجال لا من غيركم ولا من النساء، لأن هذا من الأمور الهامة فلا يؤتمن أبدا عليها غيركم بخلاف بعض الحقوق التي تجوز فيها الشهادة من غيركم بما فيهم النساء، كما سنبينه في الآية ١١٠ من سورة المائدة الآتية، وقد مرّ لها بحث في الآية ٢٨١ من سورة البقرة فراجعه «فَإِنْ شَهِدُوا» شهادة لا غبار عليها أربعتهم أمام الإمام والقاضي بأنهن فعلن الفاحشة عيانا «فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ» إحبسوهن فيها جزاء لإقدامهن على تلك الفعلة القبيحة حالا لئلا يكررنه وان تبقوهن محبوسات «حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ» فتخلصوا منهن «أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا»(١٥) طريقا آخر فينزل فيهن حكما آخر قبل أن يمتن، وهذا كان موجودا في الجاهلية وفي بداية الإسلام واستمر حتى أنزل الله بيان السبيل الذي ذكره هنا في سورة النور الآتية، وهذا يعد من المجمل الذي يحتاج إلى البيان فلا تعد هذه الآية منسوخة كما قاله بعض المفسرين بالحديث الذي رواه مسلم عن عبادة بن الصامت من أنه كان نبي الله إذا أنزل عليه حكم كرب لذلك، وتريد وجهه، فأنزل الله عليه ذات يوم، فبقي كذلك، فلما سرّى عنه قال خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهنّ سبيلا البكر بالبكر جلد مئة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مئة والرّجم. فإن هذا هو السبيل المجمل الذي بينه صلّى الله عليه وسلم في هذا الحديث فصار بيانا للآية، لا ناسخا، لأن الحديث لا ينسخ القرآن كما بيناه في تفسير الآيتين ١٠٧ و ١٨٠ من سورة البقرة المارة فراجعها، وسيأتي زيادة تفصيل في تفسير أول آية من سورة النور المذكورة إن شاء الله تعالى. ويعلم من هذا أن أمر الله بالإحسان إلى النساء لا يكون سببا لترك إقامة الحد عليهن، لأنه يسبب إيقاعهن ت (٣٤)