للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ترونهم وتظنون بهم «ذلِكَ» اجتماعهم في الأجسام وتفرقهم في القلوب وشدة بأسهم على بعضهم «بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ» (١٤) أوامر الله ونواهيه فيبهتون ويتحيرون ولو عقلوا لما كان هذا شأنهم، مثلهم يا سيد الرّسل «كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» أهل مكة ومن حذا حذوهم «قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ» في حادثة بدر وهذا عذابهم في الدّنيا «وَلَهُمْ» في الآخرة «عَذابٌ أَلِيمٌ» (١٥) لاتقواه قواهم ومثل المنافقين الّذين وعدوهم بالمعونة وتعهدوا لهم بالنصرة ثم خذلوهم «كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ» (١٦) من عاقبة الكفر الوخيمة ولهذا «فَكانَ عاقِبَتَهُما» أي الشّيطان المغوي للانسان والإنسان التابع لإغوائه «أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ» (١٧) أنفسهم باتباع أهوائهم وشياطينهم، وبئس الجزاء.

مطلب قصة برصيصا الرّاهب وكفره وجريج الرّاهب وبراءته، وتسبب العلماء لإهانة أنفسهم:

هذا والمراد بهذا الإنسان على ما رواه عطاء وغيره عن ابن عباس قال كان راهب في الفترة اسمه برصيصا، عبد الله في صومعته سبعين سنه لم يعص الله طرفة عين فجمع إبليس مردته وقال لهم أيكم يكفيني أمره؟ فقال الأبيض وهو صاحب الأنبياء أنا أكفيكه فذهب إليه وناداه فلم يجبه لانشغاله في صلاته، فقام الملعون يصلي أيضا، فلما انفتل برصيصا من صلاته رأى رجلا على هيئة الرّهبان يصلي فلام نفسه وقال له إنك ناديتني وأنا مشغول بصلاتي فما حاجتك؟ قال جئت أتأدب بأدبك وأتعبد معك فتدعو لي وأدعو لك، قال له إني لفي شغل عنك، وأقبل على صلاته وأقبل الخبيث على الصّلاة أيضا وبقي أربعين يوما معه لم يلتفت إليه، ثم قال له برصيصا ما حاجتك معي؟ قال تجعلني معك في صومعتك فجعله لما رأى من عبادته وأقام معه سنة لا ينظر إليه إلّا في كلّ أربعين يوما مرّة، ثم أعجب برصيصا حاله فقال الأبيض لبرصيصا كان بلغنا عنك غير الذي رأيت منك، وإن لي صاحبا هو أشد اجتهادا منك، وإني منطلق إليه، وسأعلمك كلمات يشفي الله بهن السّقيم،

<<  <  ج: ص:  >  >>