إذا مت فادفنّي إلى أصل كرمة ... تروي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفنّي في الفلاة فإنني ... أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها
بالرفع لعدم تسلط الناصب بسبب الفصل بلا، وإنما قلت رحمه الله لأنه تاب توبة نصوحا في حرب القادسية، وسنأتي على قصته في غير هذا الموضع.
قال تعالى «إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا» على الشدائد والمصائب وأيقنوا أن الله تعالى سيبدل عسرهم يسرا، وخسرهم نفعا، وخوفهم أمنا، وذلّهم عزّا، فإن هؤلاء يسندون كل ما يصيهم إلى ربهم ويعلمون أن الخير برضاه والشر بقضاه. واعلم أن هذا الاستثناء متصل من الإنسان إذا أردنا بالإنسان الهار ذكره في الآية المتقدمة الجنس، وأل فيه للاستغراق، ومنقطع إذا أردنا به الإنسان الكافر، وأل فيه للعهد. قال ابن عباس المراد كافر معين وهو الوليد بن المغيرة أو عبد الله بن أمية المخزومي. على أن الإطلاق أولى، فيدخل فيه المذكوران وغيرهم، ولا مندوحة عندي في تخصيص هذين الكافرين وأضرابهما في نزول آيات الله، وهم أصغر من ذلك، والأحسن أن يجنح المفسر إلى عدم تقييد أو تخصيص آيات الله بإنسان أو شيء إلا إذا كان هناك مقيد أو مخصص، وإلا فالإطلاق والتعميم أولى وأحسن للذين فقهوا معنى الآيات «وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ» مع صبرهم وداوموا عليها حال عسرهم ويسرهم وشكروا الله تعالى على ما آتاهم من فضله من النعم ورجوا منه دوامها وصبروا وحمدوا عند زوالها «أُولئِكَ» الذين هذه صفاتهم «لَهُمْ مَغْفِرَةٌ» عظيمة لذنوبهم مهما كانت، لأن الغفور لا يعظم عليه شيء «وَ» لهم بعد هذه المغفرة «أَجْرٌ كَبِيرٌ ١١» لا أكبر منه وهو الجنة، وقد وصف الله تعالى ثوابهم بالكبر لما يحتوي عليه من النعيم السرمدي ولاشتماله على رضاء الله. هذا ولما تمادى الكفرة على طلب اقتراح الآيات من حضرة الرسول تعنتا لا استرشادا، لأنهم لو كانوا مستهدين لكفتهم آية واحدة ولما داوموا على استهانتهم بحضرة الرسول وعدم اعتبارهم ما يتلوه عليهم من القرآن الحكيم، ضاق صدره الشريف من ذلك، واشتد ضيقه لما يرى من ضحكهم وسخريتهم واستهزائهم عليه وعلى ربه وكتابه، وخاف أن يلحقه ملل من الإدمان على وعظهم هيّجه