للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مت هماما كما حييت هماما ... وأحي في ذكرك المجد الرفيع

وإذا كان الموت لا بد مدرككم «وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ» وحصون محصنة وقلاع عالية مطلية بالشيد وهو الجصّ. وقال بعض المفسرين أجساد قوية مستدلا بقول القائل:

فمن يك ذا عظم صليب رجابه ... ليكسر عود الدهر فالله كاسره

وهو هنا ليس بشيء، وقال الحصكفي ملغزا في نعش الميت:

أتعرف شيئا في السماء نظيره ... إذا سار صاح الناس حيث يسير

فتلقاه مركوبا وتلقاه راكبا ... وكل أمير يعتليه أسير

يحضّ على التقوى ويكره قربه ... وتنفر منه النفس وهو نذير

ولم يتزر عن رغبة في زيارة ... ولكن على رغم المزور يزور

«وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ» من خصب وصحة ورفاه «يَقُولُوا» المنافقون «هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ» من جدب ومرض وغلاء «يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ» يعنون محمدا صلّى الله عليه وسلم، وهذا كقول قوم موسى عليه السلام (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ) الآية ١٣٠ من الأعراف في ج ١، وكقول قوم صالح لصالح عليه السلام (اطّيّرنا بك وبمن معك) الآية ٤٧ من سورة النمل وكما قال أهل انطاكية سئل عيسى عليه السلام (إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ) الآية ١٩ من سورة يس ج ١ أيضا.

مطلب في قوله تعالى كل من عند الله، وكيفية حال المنافقين مع حضرة الرسول، وان كلام الله لا يضاهيه كلام خلقه محمد فمن سواه صلّى الله عليه وسلم:

وذلك أن اليهود والمنافقين لعنوا وأخزوا تشاءموا من حضرة الرسول وهو منبع الخير وأهل الفلاح، فقالوا منذ دخل المدينة نقصت ثمارها وغلت أسعارها، فرد الله عليهم بقوله «قُلْ» يا سيد الرسل لهؤلاء الزائغين «كُلٌّ» من الخير والشر «مِنْ عِنْدِ اللَّهِ» لأنه خالقهما وموجدهما. وإنما أضاف السيئة للعبد لأنها من كسبه عن رغبة واختيار فلحقته بذنبه عقوبة له. ومن الأدب أن لا ينسب السوء إلى الله ولو كان في الحقيقة هو منه، قال- كما حكاه القرآن الكريم- (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>