يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره، وفي صحيح ابن حبان والحاكم واد بين جبلين يهوي فيه الكافر إلخ. وروى ابن أبي حاتم عن عبد الله أنه واد في جهنم من قيح.
[مطلب التطفيف في الكيل والوزن والذراع، والحكم الشرعي فيها:]
ثم وصف الله تعالى هؤلاء المطففين بقوله عز قوله «الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ» ٢ الكيل تماما بل بزيادة على المعتاد إذا اشتروا منهم، وبقوله جل قوله «وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ» ٣ ينقصون الكيل والميزان عند ما يبيعونهم شيئا، وهذه صفة كاشفة لكيفية تطفيفهم الذي استحقوا به الويل، ولم يقل جل شأنه ينقصون، لأن من يسرق في الكيل والميزان والذراع مثلا يسرق شيئا طفيفا بحيث لا يحس به غالبا، ولهذا قال المطففين. واعلم أن حرف على ومن يعتقبان في هذا الموضع، لأنه حق عليه، فإذا قال اكتلت عليك فكأنه قال أخذت ما عليك، وإن قال أكتلت منك فكأنه قال استوفيت منك، وكالوهم من باب الحذف والإيصال أي كالوا لهم، ويقال كاله ووزنه أي كال له ووزن له، كما يقال نصحتك ونصحت لك، وعليه قوله:
لقد جنيتك أكمؤا وعسقلا ... ولقد نهيتك عن بنات الأوبر
واعلم أن هذه السورة آخر ما نزل بمكة قبل الهجرة، وقد ذم الله فيها التطفيف وحذر منه، لأن الرسول صلّى الله عليه وسلم قادم إلى المدينة، وعادة أكثر أهلها التطفيف ليتلوها عليهم أول قدومه كي ينزجروا عن هذه الخصلة القبيحة المستوجبة العذاب الأكبر في الآخرة، والذم الكثير في الدنيا، وهذه أول رحمة من الله نالت أهل المدينة بقدومه صلّى الله عليه وسلم، وكان كذلك، لأنه عند دخوله استفتحهم فيها فظن من سمعها أنها نزلت بالمدينة حتى قال بعضهم إنه كان رجل في المدينة يدعى أبا جهينة يشتري بصاع ويبيع بصاع دونه، وأنها نزلت فيه. ومنهم من قال إنها نزلت بالطريق بين مكة والمدينة، والصحيح أنها نزلت في مكة كما ذكرنا وهو أرجح الأقوال الواردة فيها، والله اعلم. وهذا الوعيد يلحق من يأخذ لنفسه زائدا ويدفع لغيره ناقصا، ويتناول القليل والكثير، وإنما شدد الله تعالى في هذا لأن عامة خلقه