ما جرينا عليه مأخوذ من أقوال السلف الصالح كجعفر الصادق وغيره من كبار المحققين، والآية على حد قوله تعالى (إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها) الآية ١٠ من القصص المارة في ج ١، وعلى هذا يكون معنى الآية لولا أن رأى برهان ربه لهمّ بها واللام ليست بواجبة في جواب لولا إذا كانت بصيغة الماضي كما هنا، فيأتي باللام وبدونها يقال لولا زيد لأكرمتك، فحيث وجد البرهان انتفى الهم، كما أن وجود زيد في المثالين ينفي الإكرام.
[مطلب في لولا والسبب في نقل ما فيه وهم يوسف عليه السلام والأحاديث الموضوعة:]
ولولا حرف امتناع لوجود، تقول لولا علي لهلك عمر، ولولا عصمة الله لقارفت الذنب، أي امتنعت مقارفة الذنب لوجود العصمة. وهنا امتنع الهم المزعوم لوجود البرهان، قال السيد محمود الآلوسي رحمه الله في تفسيره روح البيان بعد الأخذ والرد: نقول للجهلة الذين نسبوا تلك الفعلة الشنيعة إلى يوسف عليه السلام إن كانوا من اتباع الله فليقبلوا شهادته على طهارته- يريد بعض ما ذكرنا من الشهادات الخمس التي ذكرناها آنفا- وإن كانوا من اتباع إبليس فليقبلوا شهادته، يريد ما ذكرناه أيضا، وقوله (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) وإذا كان هؤلاء السفلة زادوا على إبليس كما قال الحريري:
وكنت امرأ من جند إبليس فانتهى ... بي الحال حتى صار إبليس من جندي
فلو مات قبلي كنت أحسن بعده ... طرائق فسق ليس يحسنها بعدي
فذاك أمر آخر، فعلم مما مرّ أن ما نقله الواحدي واضرابه من هذه الشبهات الشائنة والشوائب السافلة مصدره القصص والحكايات وكتب أهل الكتاب المحرّفة، أما الصحيح منها فمبرا من ذلك، وقد تصلّف بعض القائلين لهذه الأقوال فقال إن ما ذكرناه نقلناه عن الذين أخذوا التأويل ممن شاهدوا التنزيل، وهو لعمري غير صحيح، وإنما هو من قال وقيل، وان بعض المفسرين الذين اغتروا بما وجدوه من تلك الأقوال الواهية المدونة في كتب غير معتبرة ونقلوها كما وجدوها، ولم ينظروا إلى الأقوال الواردة في تفنيدها، ولم يلقوا لها بالا، كما وقع للإمام