أتبيعه بغلامك فسطاس، اغتنمه أبو بكر وباعه، فقال المشركون: ما فعل ذلك إلا ليد كانت له عنده فأنزل الله هذه الآية تكذيبا لهم بقوله: ليس لأحد عند أبي بكر «نِعْمَةٍ تُجْزى ١٩» .
[مطلب في أبي بكر رضي الله عنه وأمية غضب الله عليه:]
وقد أجمع المفسرون على عود الضمير لأبي بكر، وان ليس لفسطاس ولا لبلال ولا لغيرهما عنده نعمة سابقة يكافئه عليها بالإعتاق، وان السياق والسباق يؤيده لذلك فإن من قال أن الضمير في عنده يعود إلى الله أراد أنه ينعم على عبده تفضلا منه، وهو كذلك. إلا أنه بعيد عن المغزى مخطئ المرمى، لما فيه من نفي التخصيص بأبي بكر وجعل الآية عامة في المؤمن والكافر، لأن نعمة الله غير مقصورة على أحد ولكنها على المؤمن نعمة حالا ومآلا، وعلى الكافر في الدنيا فقط لأنها نقمة عليه في الآخرة استيفاء لما يقع من الخير على يده كي يلقى الله ولا حسنة له. وليعلم انه ما فعل أبو بكر ما فعله من الاعتاق «إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى ٢٠» أي طلب مرضاته لا غير
«وَلَسَوْفَ يَرْضى ٢١» في الآخرة من عطاء ربه بالكرامة والجنة ونعيمها كما طلب هو مرضاة ربه في الدنيا بالإنفاق من ماله واعتاق عبيده واللام في ولسوف جواب القسم المضمر وتقديره والله لسوف يرضى رضاء ما فوقه رضاء، ويجوز أن يعود ضمير يرضى إلى الله ويكون المعنى ولسوف يرضى عنه ربه وهو أبلغ لأن رضاء الله عن عبده أكمل للعبد من رضاه على ربه، وما جرينا عليه يحتمل المعنيين. هذا، والله أعلم، واستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
[تفسير سورة الفجر عدد ١٠ و ٨٩]
نزلت في مكة بعد سورة والليل، وهي ثلاثون آية، ومثلها من عدد الآي تبارك، والملك والسجدة. ومائة وتسع وثلاثون كلمة، وخمسمائة وسبعة وتسعون حرفا، لا يوجد سورة في القرآن مبدوءة بما بدئت به ولا مختومة بما ختمت به، لا ناسخ ولا منسوخ فيها.