للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أذنت، فأنزل الله تعالى «أَلا» إن المستأذنين لهذه الحجة الواهية «فِي الْفِتْنَةِ» العظيمة المحققة وهي مخالفتك يا محمد والتخلف عنك «سَقَطُوا» وقعوا فيها لعدم تلبية أمرك فيما لا يظنون ولا يتصورون من مهاوي الكفر «وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ» (٤٩) أمثال هؤلاء يوم القيامة يوم يظهر لهم ما كانوا يبطنون ويحيق بهم جزاؤه، ثم طفق يعدد بعض مساوئ المنافقين عدا ما بينه في الآية ٩ فما بعدها المارات وغير ما بينه عن مثالبهم في الآية السّادسة فما بعدها من سورة البقرة المارة وفي غيرها، بما فضحهم الله وأظهر دخائلهم، وزاد فضحهم في هذه السّورة، إذ بين فيها أجل مثالبهم، فقال جل قوله «إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ» نصرتك وظفرتك بعدوك واغتنامك منه «وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ» من خذلان وانكسار وهزيمة «يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا» الذي توسمنا به وهو اختيارنا القعود «مِنْ قَبْلُ» أن نصاب بما أصيبوا لو خرجنا معهم لهذه الغزوة «وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ» (٥٠) بذلك

فيا أكمل الرّسل «قُلْ» لهؤلاء المنافقين الّذين راق لهم التخلف عنك «لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا» من خير أو غيره سواء قعدنا أو خرجنا، فلا مانع لقضاء ربنا ولا راد لقدره «هُوَ مَوْلانا» حافظنا وناصرنا ومتولي أمورنا أحسن من أنفسنا، وهو أولى بها منا وإليه وكلنا أمرنا «وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» (٥١) في أمورهم كلها لا على غيره لما في التوكل على غيره من الخببة والهلاك «قُلْ» يا أيها المنافقون «هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ» النصر والغنيمة أو الشّهادة والمغفرة، فلا تنتظروا أن يصيبنا غيرهما، روي عن أبي هريرة أن النّبي صلّى الله عليه وسلم قال: تكفل الله أو تضمن الله لمن خرج في سبيل الله لا يخرجه إلّا جهادا في سبيلي وإيمانا بي وتصديقا برسلي، فهو علي ضامن أني أدخله الجنّة أو أرجعه الى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة، أخرجاه في الصّحيحين «وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ» إحدى السّوأتين «أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ» فيهلككم ويكفينا مؤنة قتالكم «أَوْ بِأَيْدِينا» فيسلطنا عليكم ونظفر بكم فنقتلكم ونفعل ما يريده الله بكم «فَتَرَبَّصُوا» بنا إحدى تلك الحسنيين

<<  <  ج: ص:  >  >>