وضموا إلى حرمة البيت حرمة الإسلام فإنا نحفظهم ونزيد في إكرامهم، ولا نجعلهم عرضة لتسلط أحد عليهم، بل نحميهم ونرزقهم ونؤمنهم في ديارهم، قال تعالى «وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ» أيها الناس «فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا» التي تتمتعون بها أياما قليلة «وَزِينَتُها» تتزينون بها لأجل معلوم، ثم تنقضي هي وما جمعتموه منها «وَما عِنْدَ اللَّهِ» من النعيم الدائم في الدار الباقية «خَيْرٌ» لكم من متاع الدنيا الفانية «وَأَبْقى» وأدوم منه والدائم خير من الفاني «أَفَلا تَعْقِلُونَ» ٦٠ ذلك قال ابن عباس جعل الله أهل الدنيا ثلاثة أصناف: المؤمن والمنافق والكافر، فالمؤمن يتزود، والمنافق يتزين، والكافر يتمتع، ثم قرأ هذه الآية
قال تعالى «أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً» هو الجنة التي لا أحسن منها ذات النعيم الدائم «فَهُوَ لاقِيهِ» نائله لا محالة ومصادفه في حياته وصائر إليه عند مماته «كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا» القريبة الزوال «ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ» ٦١ بين يدي الله في الموقف العظيم فيحاسب على ما أصابه في الدنيا، كيف جمعه، وفيم أنفقه، ولم أبقاه ولم يؤد حقه، ثم يقذف في النار، وحينئذ يندم ولات ساعة مندم، ويريد الفرار ولات حين فرار، ولهذا جاء لفظ المحضرين في خاتمة هذه الآية وفي قوله تعالى (فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) الآية ١٣٧ من الصافات في ج ٢ لدلالتها على هذا المعنى، ويكون الإحضار في ذلك الموقف لأجل مناقشة الحساب وترتيب العقاب، قيل إن هذه الآية نزلت في رسول الله صلّى الله عليه وسلم وفي أبي جهل لعنه الله، أو في علي وحمزة رضي الله عنهما، وفي أبي جهل، أو في مطلق مؤمن وكافر، وهذا أولى، لأن الصيغة عامة، وهي من قبيل ضرب المثل، وحمل اللفظ على عمومه إذا لم يكن هناك مخصص أولى، حتى أن صيغة آية (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) المارة عامة في كلى من أحب رسول الله إيمانه من العرب وأهل الكتابين والصابئين والمجوس أيضا، لأنه كان يحب الإيمان لأهل الأرض كلهم، وهي جارية في عمومها إذ لم يثبت ما يخصصها في أبي طالب كما ذكرنا لك آنفا فإنه لو ثبت تخصيصها فرضا فلا ينفي عمومها لغيره، لأن العبرة دائما لعموم اللفظ لا لخصوص السبب، قال تعالى «وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ» الله