فيه العبرة لمن له قلب واع وسمع سامع وبصر ناظر وفكر ثاقب وتدبر واسع، أما من ليس له شيء من ذلك فهو عات فاسق، ولهذا يقول الله تعالى «فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ» ٣٥ الخارجون عن طاعة الله الذين لا يتعظون بالإنذار والوعيد. ولا يوجد سورة مختومة بمثل هذه اللفظة ولا مثلها في عدد الآي.
قال قوم من القوم ما في الرجاء لرحمة الله أقوى من هذه الآية، أخرج الطبراني في الدعاء عن أنس عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: إذا طلبت حاجة وأحببت أن تنجح فقل لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي العظيم، لا إله الا الله وحده لا شريك له الحليم الكريم، بسم الله الذي لا إله إلا هو الحي الحكيم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا ساعة أو ضحاها، كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار، بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون. اللهم إني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة، والنجاة من النار، اللهم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين. هذا والله أعلم، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين وعلى أتباعه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.
تفسير سورة الذاريات عدد ١٧- ٦٧- ٥١
نزلت بمكة بعد سورة الأحقاف وهي ستون آية، وثلاثمئة وستون كلمة، وألف ومئتان وتسعة وثلاثون حرفا، لا يوجد سورة مبدوءة بما بدئت به ولا مثلها في عدد الآي.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى:«وَالذَّارِياتِ ذَرْواً» ١ الرياح التي تذر التراب وغيره فتفرقة وتبدده تشبيها بتذرية الهشيم لاجتماع التفرق في كل «فَالْحامِلاتِ وِقْراً» ٢ السحب التي تحمل المياه حملا ثقيلا «فَالْجارِياتِ