في الآية ٢٧ من المطففين المارة في ج ٢، والثانية السّلسبيل المبين في الآية ١٩ من سورة الإنسان الآتية
«فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥١) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ» (٥٢) رطب ويابس كما يوجد الآن في البرتقال فإنه قد يجتمع فيه ثمر السّنة الماضية والحالية وفي الآخرة كلّ أشجارها كذلك فترى فيها العتيق والجديد بآن واحد، فلا يضر الثمر قدمه ولا يغير لونه وطعمه بخلاف ما في الدّنيا «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٣) مُتَّكِئِينَ» فيهما «عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ» ديباج ثخين من الحرير وقد أخبرنا الله عن البطائن التي تلى الإنسان بأنها من ذلك النّوع فما بالك بالظهائر التي تبرز للعيان، اللهم أرناها ومتعنا والمؤمنين فيها برضاك المؤدي إليها برحمتك يا أرحم الرّاحمين.
«وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ»(٥٤) قريبا من يد المتناول القاعد والقائم والمضطجع سواسية في تناوله، لأن الأثمار التي فيها القديم والحديث هي التي تدنو من طالبها حتى تصير أمامه «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٥) فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ» على أزواجهن لا ينظرن غيرهم وجمع الضّمير مع أنه يعود إلى الجنتين، لأن كلا منهما فيها قصور ومجالس متعددة أو أنه من قبيل إطلاق الجمع على ما فوق الواحد كما مرّ في الآية ٧٨ من سورة الأنبياء في ج ٢ وفيما ترشدك إليه «لَمْ يَطْمِثْهُنَّ» يمسسهن وينلهن أو يقربهن «إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ»(٥٦) قال الفرزدق:
خرجن إلي لم يطمئن قبل ... وهن أصح من بيض النّعام
تشير هذه الآية إلى أن الجن كالإنس في مقاربة النّساء وأن لهم نساء من جنسهم، وهو كذلك، لأنهم يتوالدون في الدّنيا. وقيل إن منهم من يتزوج بإنسي، كما أن من الإنس من يتزوج بجنية، ولهذا قالوا إن بلقيس أمها من الجن، راجع الآية ٤٥ من سورة النّمل في ج ١ «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٧) كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ» (٥٨) صفاء وبياضا وحمرة، أخرج الترمذي عن ابن مسعود أن النّبي صلّى الله عليه وسلم قال: إن المرأة من نساء أهل الجنّة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة يرى مخها، وذلك أنك إذا أدخلت سلكا في الياقوت رأيته من ورائه وكذلك سوق النّساء من أهل الجنّة، وروى البخاري