صوتها أو نارها أو قوة صدمتها أو حدة ما انفصل منها، وهي سريعة الخمود، ولهذا البحث صلة في الآيتين ١٢/ ١٣ من سورة الرعد الآتية «حَذَرَ الْمَوْتِ» مفعول لأجله أي خشية أن يموتوا من صوتها أو مما ينفصل منها «وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ ١٩» عذابه محيق بهم لا يفلت منه أحد، لأن الإحاطة تكون من الجهات الأربع، وقد تكون من الشر أيضا «يَكادُ الْبَرْقُ» من شدة ضيائه «يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ» يختلسها بسرعة لشدة نوره وقوته، وتراهم «كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ» بهداية نوره «وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ» غاب عنهم نور البرق وفقدوا ضياءه «قامُوا» وقفوا متحيّرين لعدم اهتدائهم إلى الطريق من تكاثف الظلمات «وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ» لشدة صيحة الصواعق وقوة نور البرق عند وميضه «إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٢٠» لا يعجزه شيء، شبه الله تعالى الكافرين والمنافقين بقوم ماشين في مفازة صعبة في ليلة مظلمة ممطرة مرعدة مبرقة، لا يتمكنون من متابعة المشي فيها، ووجه الشبه هو أن المطر كالقرآن، لأن فيه حياة القلوب كما أن في المطر حياة الأرض، والظلمات ما جاء فيه من ذكر الكفر والنفاق والشرك، والرعد ما خوفوا فيه من الوعيد والتهديد، والبرق هو ما فيه من الهدى والبيان والوعد وذكر الجنة، فالكافرون والمنافقون يسدّون آذانهم برءوس أصابعهم لئلا يسمعوه فتميل إليه قلوبهم، وإن فعلهم هذا أوجب بخط الله تعالى عليهم، ولذلك فإنه سيحيط بهم عذابه في الآخرة كإحاطة الظلمة المذكورة التي صيّرتهم متحيّرين في الدنيا، فيأتيهم العذاب من كل مكان يترددون فيه متحيرين. انتهت الآيات الواردة في حق المنافقين.
ثم أنزل الله الآيات المتضمنة أحكاما وأخبارا متنوّعة، فقال جل قوله «يا أَيُّهَا النَّاسُ» المكلفون «اعْبُدُوا رَبَّكُمُ» وحده، واعلم أن جملة (يا أَيُّهَا النَّاسُ) كررت في القرآن ١٤ مرة في البقرة، و ٣ في النساء، و ٢ في يونس، و ٣ في الحج، و ٢ في فاطر، وواحدة في لقمان، وواحدة في الحجرات، وان غالب ما يأتي في القرآن العظيم من لفظ العبادة يراد به التوحيد، لأن العبودية التذلل والعبادة غايته، ولا يستحقها إلا الله تعالى «الَّذِي خَلَقَكُمْ وَ» خلق «الَّذِينَ