ترزقوها، لأن الله يرزقكم وإياها، فلا تظنوا أنكم الرازقون لها ولما خولكم منها.
وكلمة معايش لم تكرر إلا في الآية ٩ من سورة الأعراف المارة في ج ١،
«وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ» من كل ما يطلق عليه لفظ شيء وتخصيص بعض المفسرين كلمة شيء هنا بالمطر تحكم وتقيبد لا معنى لهما، أي لا يوجد في الكون شيء «إِلَّا عِنْدَنا» نحن إله الكل وخالق الكون بما فيه ورازقه «خَزائِنُهُ» من كل ما يحتاجه البشر والحيوان والطير والحوت والدود وهو جمع خزانة بكسر الخاء، ومن نوادر ما قالوا لا تفتح الخزانة ولا تكسر القصعة وهي اسم للمكان والمحل الذي يحفظ فيه نفائس الأموال والحلي «وَما نُنَزِّلُهُ» من تلك الخزائن الموجودة في علمنا «إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ٢١» معين لكل شيء مما خلقناه لكل منها ما يناسبها بقدر كفايته حسبما تقتضيه الحكمة وتستدعيه المصلحة وتريده المشيئة مع إمكان إنزال ما يزيد على الحاجة، لأن خزائنه تعالى لا تنفد وإمكان ما ينقص عن الحاجة لأمر يريده، راجع الآية ٢٦ من سورة الرعد الآتية. هذا وان ما يرى من كثرة الرزق عند بعض الناس فهو عبارة عن حفظه لديهم لغيرهم، لأنهم لا يرزقون منه إلا بقدر ما قدر لهم منه مما تستوجبه المصلحة، وما يرى من قلته على أناس فهو أيضا بتقديره تعالى لأمر يريده بهم، لأنه يعلم أنه لو نقص على الأول وزاد للآخر لضرّ بهما، قال تعالى (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) الآية ٢٧ من سورة الشورى، وكذلك لو قتّر على بعض عباده لبغى بعضهم على بعض، فقد جاء في الحديث القدسي: ومنهم من إن أعنيته لبغى، ومنهم من إن أفقرته لكفر. ولهذا فإنه تعالى يعطي كلا ما يناسبه كي لا يبغي الفقير ولا يكفر الغني المترتب على الحكمة فقرهم وغناهم، وما قيل إن المراد بالخزائن هنا المطر لأنه سبب الأرزاق لجميع المخلوقات ينفيه لفظ الآية، والمطر داخل فيه لأنه مما يحتاجه الخلق، وقد ضرب الله الخزائن مثلا لاقتداره على كل مقدور، وتطلق الخزانة على الصّندوق الحديدي الذي يخزن فيه الذهب والفضة وغيرها، وعلى الخزانة الخشبية التي تحفظ فيها الألبسة وغيرها، قال تعالى «وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ» حوامل بالسحاب ضد العقيمة لأنها تحمل السحاب في جوفها من بخار الماء ثم تدرّه كما تدر