في هذا الزمان الكهرباء وما يسمونه (أشعة رونتجن) إذ أن نورها يطلع على الافئدة وغيرها، ويبين ما فيها ويصورها فيظهر للرائي سلامة الأفكار والأعضاء ومعايبها.
وما ندري ما يظهر لنا الزمن من أسرار هذا القرآن الذي قال عنه منزله (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) الآية ٣٨ من الأنعام في ج ٢. وأشار حيث أشارته في الآية ٢٤ من سورة يونس في ج ٢ أيضا، بأن أهل الدنيا يقدرون بتقدير الله على كل ما يتعلق بأمرها، وإن أعمالهم التي ظهرت الآن من طائرات سريعة الطيران وقاذفات تمحق المدن فضلا عن المذياع وشبهه والأوائل التي ينوب عمل يوم منها عن عمل شهر وأشهر تشير إلى قرب الساعة والله أعلم. نزلت هذه السورة في الأخنس بن شريق لكونه اعتاد الغيبة والنميمة والوقيعة في أعراض الناس، إلا أن الوعيد فيها عام يتناول كل من يباشر ذلك الفعل القبيح لعموم اللفظ لا لخصوص السبب. وقد وردت أحاديث كثيرة في النهي عن الغيبة والنميمة والهمز واللمز سنأتي عليها عند كل بحث يتعلق بها. حفظنا الله منها، هذا والله أعلم، واستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى، الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين آمين.
تفسير سورة المرسلات عدد ٣٣- ٧٧
نزلت بمكة بعد الهمزة، وهي خمسون آية عدا الآية ٤٨ فإنها نزلت بالمدينة، ومائة وثمانون كلمة، وثمانمائة وستة عشر حرفا، لا يوجد سورة مبدوءة بما بدئت به، وختمت بما ختمت به سورة يوسف فقط، لا ناسخ ولا منسوخ فيها.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى مقسما:«وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً ١» الرياح المرسلة المتتابعة الكثيرة تهب بعضها اثر بعض، ومنه طار القطن عرفا أي بعضه خلف بعض، وجاء القوم عرفا أي جماعات بعضهم وراء بعض «فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً ٢» الرياح الشديدة الهبوب تعصف، أي تكسر الأشجار كسرا أو تدحرج الأحجار دحرجة «وَالنَّاشِراتِ نَشْراً ٣» الرياح المنبثة التي تنشر السحاب في السماء